يزور رئيس وزراء السودان الدكتور عبدالله حمدوك بروكسل للمشاركة في اجتماعات و لقاءات مع الاتحاد الأوربي.
و للسودان تاريخ موغل في القدم في العلاقات مع أوربا حيث ورد ذكر بلاد النوبة السودانية فى تاريخ هيرودتس قبل ميلاد المسيح عليه السلام بمئات السنين ، هذا غير ان القرن قبل الماضي شهد استعمارا أوربيا لبلادنا .
كذلك لا يمكن أن ننسى دور قوة دفاع السودان و قتالها إلى جانب الحلفاء في الحرب العالمية الثانية حيث جاء في مذكرات الأستاذ محمد خير البدوي ( وضع تقرير بريطانى رسمى عقب الحرب العالمية الثانية أبطال قوة دفاع السودان على قدم المساواة مع نسور الجو البريطانيين. وجاء فى التقرير أن قوة دفاع السودان تستحق بفضل دورها فى معركة أفريقيا نفس الثناء الذى خص به ونستون تشرشل سلاح الجو فى معركة بريطانيا، حيث قدم السودان وفق مذكرة سير دوغلاس للحلفاء جيشاً مقاتلاً برجال أقوياء يعتزون بشرفهم وكبرياءهم أكبر مما قدمه أى قطر فى الشرق الأوسط ) .
هذا التاريخ يجعل من السودان دولة ذات صلات تاريخية مع أوربا ، و يؤكد أن عودة العلاقات بين السودان و أوربا إلى سابق عهدها ما قبل نظام المخلوع البشير هو الواقع الطبيعي لهذه العلاقة ، و يجعل من السودان دولة مركزية في علاقة أوربا مع أفريقيا و مع العرب .
السيد رئيس الوزراء سيقف اليوم أمام اجتماعات الاتحاد الأوربي و هو يحمل على كتفيه هم انتشال بلد خارج لتوه من ثلاثين سنة عجاف صنفت فيها بلادنا عالميا كاحدي دول الشر ، و صدرت في حقها عشرات القرارات من الأمم و المتحدة و من مجلس الأمن حتى وصلت مرحلة وضعها تحت الفصل السابع و الذي يجيز تدخل مجلس الأمن عسكريا اذا دعت الضرورة ، هذا غير تصنيف رئيس البلد مجرما دوليا مطلوبا للعدالة . هذه الصورة المشوهة ظلت هي صورة السودان الرسمية في اوربا طيلة سنين الانقاذ و التي عجز فيها المسؤل الأول في البلد و هو الرئيس عن القيام بجولات في أوربا خوفا من القبض عليه و تسليمه لمحكمة الجنايات الدولية ، و هي صورة تلقي بظلالها على زيارة حمدوك و تجعله امام تحدي إثبات حدوث تغيير جوهري في السودان.
و ان كان ماضي الانقاذ عبء على حمدوك ، إلا أن سبعة شهور من الثورة في شوارع السودان ضد نظام البشير تمثل جواز المرور لرئيس الوزراء عبدالله حمدوك لتأكيد ان شعب السودان قد غادر محطة الصور المشوهة و عادت صورته الصحيحة صديقا لأوروبا و صديقا لكل محب للخير و الحريات و الديمقراطية.
بلادنا واعدة في مجالات متعددة مثل المعادن و مجالات الثروة الزراعية و الحيوانية، هذا غير الموقع الجغرافي الحيوي الذي يجعل السودان معبرا للتجارة العالمية بين جنوب و شمال أفريقيا و بين وسط أفريقيا و العالم عبر البحر الأحمر ، كما أن هذا الموقع ايضا سيجعل السودان يحتل موقعا متميزا في محاربة جرائم الاتجار بالبشر و جرائم الهجرة غير الشرعية مما يمثل حاجز صد لأوروبا، لذلك فإن أوربا الصديقة كما اعتمدت على قوة دفاع السودان من قبل و لم تخذلها ، فيمكنها الاعتماد على شراكة حقيقية مع السودان
مبنية على الاحترام المتبادل و تبادل المنافع.
مازال السودان فتيا لم تمكنه سنين الحرب المتطاولة و الأنظمة الشمولية المتعددة من الاستفادة من خيراته في باطن الأرض و خيراته على ظاهرها و خاصة الكوادر البشرية ، إذ تبلغ نسبة الشباب في السودان أكثر من ٦٠% من نسبة السكان و هي نسبة توضح شباب و حيوية هذا البلد مقارنة مع اوربا ، و بالتالي أمام حمدوك الفرصة التاريخية لتطبيع علاقات على درجة عالية من المنفعة و تحقيق المصالح المرجوة للطرفين .
sondy25@gmail.com