مر أكثر من شهرين على تكوين الحكومة الانتقالية و لم تنتبه بعد السيدة وزيرة الخارجية إلى السفارات الخارجية ، فهل هذه استهانة بدور السفارات ام تأني لاختيار سفراء جدد من الثوار ؟ اذا كان كل هذا تأني في انتظار اختيار السفراء الجدد بعد التمحيص و التشاور مع اطراف الحكومة الانتقالية فكان الأحرى إقالة كل السفراء و إحالة المهام إلى الذين هم دونهم في السفارة ذاتها منعا لسوء استخدام السفراء الكيزان لدورهم في السفارة في مساعدة الدولة العميفة .
مازالت سفارات السودان بالخارج كما هي يسيطر عليها سفراء و ملحقي النظام السابق ، ما عدا قرار صدر أخيرا بإعفاء مصطفى البطل الملحق الثقافي بسفارة السودان بلندن و راشد عبدالرحيم بسفارة السودان بالقاهرة ، و لا أعلم حتى هذه اللحظة ما هي الأهمية التي تعفى البطل بهذه السرعة و هو إلى وقت قريب قبل توظيفه من قبلها كان قلما لاذعا للانقاذ بينما يظل الانقاذيون الحقيقيون كما هم في سفارات مهمة و حساسة !!!
السفراء بالخارج خلال الشهرين الماضيين كانوا يمثلون دولة السودان و حكومتها الانتقالية في كل المهام ، و هنا يتبادر السؤال ماذا سيقول سفير كوز عينته حكومة الكيزان و دافع عنها أيام الثورة دفاع المستميت ماذا سيقول للسفراء الآخرين في تلك الدولة و ماذا سيقول في لقاءاته الرسمية مع موظفي تلك الدولة ؟ بلا شك سيمرر رسائل كثيرة ضارة بالحكومة الانتقالية و بالثورة فهو من الاساس غير مؤمن بها ، و هذه هي الخطورة الأولى في بقاء سفراء الكيزان في مواقعهم ، و هناك مخاطر متعددة أوردها تباعا .
الخطورة الثانية التي يمكن أن يقوم بها سفراء الانقاذ الكيزان ان يكسبوا الوقت الذي منح لهم قبل الإعفاء الرسمي في إخفاء كل الأسرار و الخفايا عبر التاريخ عن نشاط دولة الكيزان في تلك الدولة ، و بما أن طاقم السفارات الأعلى في ظل دولة الكيزان كان جميعه من الكيزان المرضي عنهم و الكيزان المؤدلجين فهم لن يألوا جهدا في إخفاء أسرار حيوية عن صفقات المال و الاستثمار و الأسلحة و البترول و غير ذلك من النشاطات التي كثيرا ما تكون السفارات الخارجية مسرحا لها في ظل الأنظمة الدكتاتورية .
الخطورة الثالثة تكمن في امكانية مساعدة السفراء الكيزان لأبناء التنظيم الإنقاذي و الكيزاني في الحركة و التنقل و التأشيرات ، و قد تكون هذه الطريقة حساسة لدرجة تهريب قيادات الكيزان إلى بعض الدول او تهريب أموال او مستندات او غير ذلك تحت غطاء السفارة الشرعي . هذا غير ما يمكن أن يقدمه السفير عبر السفارة من مساعدة لكيزان الخارج على الحركة الحرة و التي سيستثمرونها بكل تأكيد في إخفاء آثار الجرائم التي ارتكبوها تاريخيا منذ انقلاب الانقاذ حتى لحظة خروجه في الخارج .
الخطورة الرابعة هي مساعدة السفراء الكيزان لتنظيمهم في إخفاء الأموال التي نهبوها من الداخل سواء كانت عبارة عن اصول ثابتة او اموال نقدية و تحريكها و غسلها . كما أنهم سوف يساعدون تنظيمهم الايدلوجي في تهريب الأموال التي توجد بالداخل و العمل على الاحتفاظ بها او غسيلها خارج السودان ، هذا غير الدور الخطير في سماحهم بتبادل المعلومات بين تنظيمهم الايدلوجي و التنظيمات المتحالفة معه في الخارج عبر غطاء السفارة الرسمي .
كل هذه الخطوات الخطيرة و غيرها التي يمكن للسفراء الكيزان اتخاذها ستكون باسم دولة السودان دولة الثورة و لن تستطيع دولة في الخارج ان تقف في وجهها فهو نشاط رسمي و شرعي باختام السفارة و بتوقيع السفير الرسمي الذي لم يصدر قرار من الحكومة بإقالته ، و حين يأتي سفير جديد بعد فوات الأوان لن يجد أي أثر لهذه الجرائم و لن يكتشف شيئا مريبا مهما بحث و نقب ، و ستكون بلادنا قد فقدت وثائق مهمة و أموال و أسرار كثيرة كان بالإمكان وضع اليد عليها لو كان التحرك سريعا نحو السفارات .
نلفت انتباه السيدة وزيرة الخارجية و طاقم الوزارة إلى هذه الأشياء و نفيدهم بأن التحرك العاجل نحو شل قدرة السفراء و الاطقم الكيزانية في السفارات الخارجية يجب أن يتم عاجلا و الا سيدفع الوطن و الثورة الكثير .
sondy25@gmail.com