شاهدت فيديو تخاطب فيه أم الشهيد عباس فرح طلاب مدرسة، تتحدثدهذه الأم الشجاعة، وتضغط على الألم وحرقة الحشي، وتتماسك لتخرج كلمات من القلب.
لكني بعد أن رأيت وسمعت أم عباس فرح، وهي تتحدث بكلمات ومعانٍ عظيمة، فإنني الآن والآن فقط أعلم لماذا داس البطل الشهيد عباس على جراحه وأمسك بإحشائه، ووقف شامخاً كالطود، ثم تقدم مشياً على إقدامه كالأسد، وهو يخطو بثبات حتى وصل إلى الترس، ثم انحني فوقه وسلم الروح لبارئها.
عباس رضع القيم والمعاني العظيمة من ثدي أمه. قدم لنا عباس فرح أعظم مشهد للثبات على الحق والصمود في الموقف.
لتهنأ أم عباس العظيمة بابنها العظيم الشهيد، وليهنأ الوطن بعباس شهيداً ورمزاً يلهم الأجيال السودانية من كل جيل معاني الشجاعة والصمود والكبرياء، كما فعل عبدالفضيل ألماظ حينما استشهد وسلاحه بين يديه، وتوفي على ذات الجلسة.
تقول: “إنها أتت لهذا الجيل في موقعه لتتقوي بهم على محنتها. وأقول لها: “إن رسالتك قد وصلت، وإن كل أبناء السودان أبناؤك، وكل بنات السودان بناتك أيتها الام العظيمة”.
لكن الرسالة الأهم كانت صرخة في صائرنا وإلي رئيس وأعضاء حكومة الانتقال: هذه الأم وغيرها من أمهات الشهداء، وكل الذين قُهروا من النظام البائد وكتائبه المعلنة وغير المعلنة، يحتاجون إلى الدعم المعنوي قبل الدعم المباشر ،وهم أهل حق. وينتظرون القصاص لابنائهم، وهو قصاص مستحق لا يجب تأخيره. وينتظرون قهر الذين قهروهم، وقهروا كل الشعب، لا مجاملتهم ومعاملتهم باحترام لا يستحقونه، كما نرى في التصريحات اليائسة والمستفزة لوزراء الحكومة الانتقالية.. وينتظرون وضع يد الدولة على كل ممتلكات الكيزان من عمارات وشركات وقنوات فضائية وصخف ومستشفيات وجامعات وغيرها، لا تركهم أحراراً يهنئون بمال سرقوه من الدولة.
هؤلاء الكيزان كلهم سياسيون ونظاميون مجرمون، تعاونوا كلهم على قهرنا وقتلنا بدم بارد، وتوحدوا في سرقة أحلى سنين أعمارنا، وعلى نهب خيارات بلادنا، وبنوا بها العمارات، وأنشؤوا بها الجامعات والمستشفيات والشركات، ومازالوا يتمتعون بخياراتها ويقهرونا بها. وبعد هذا كله يأتينا من يقول انهم ينتظرون تشريع الدولة للقانون، ومن ثم يقدم المواطن الشكوى فيهم حتى يقدموا للتحقيق!
ما هذا الهراء والمسكنة في مواجهة المجرمين والفاسدين؟ ألا يعلم وزراء الحكومة أن هؤلاء مجرمون؟ وكيف لمن لا يعلم يكون مؤهلاً ليصبح وزيراً في حكومة الثورة؟ الكيزان يا سادتي الكرام الآن، يستعيد ن توازنهم، حتى إنهم اطمأنوا، والآن يعودون من جديد في القنوات الفضائية وفي الصحف والميديا، وهم يمدون ألسنتهم النتنة على الشهداء وعلى الثوار بالاستهزاء، وعلى ثورتنا العظيمة، ويحاولون تشويهها وضربها.
هل لهذا الأداء البائس والتقدير القاصر، تم اختيار وزراء الحكومة الانتقالية؟
هذه الثورة عظيمة وهي هبة السماء لأهل السودان، لتزكي النفوس، وتشحذ الهمم من جديد من أجل كنس كل الباطل. ورأس الباطل هو تنظيم الكيزان وقادتهم.. وكل مال او أملاك باسمهم داخل وخارج السودان يجب نزعها بلا مساومة، وعلى الاقل رفع أيديهم عن إدارتها، ووضعها تحت تصرف الدولة، إلي أن يتم البت في أمرها بالقضاء، ووضع كل قادتهم في السجون في انتظار التحقيقات.
وأي تصرف فيه تساهل مع هؤلاء المجرمين هو خيانة للثورة، ولدماء الشهداء، وتعريض مستقبل الوطن إلى الأخطار. ورد المظالم، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح كما تقول القاعدة الفقهية المأثورة. لأن في ذلك معالجة لجراح النفوس المظلومة، وردع للظالم عن مواصلة الظلم وتهيئة للوطن وتنظيفه، حتي ينطلق الي ذرى العلا..