أنهُ الحُزن الأسود بكل ما فيه من صورٍ مؤلمة ، حين أرى بعضاً من الشباب المنتمين إلى حزب البشير المخلوع ما زالو يغالطون الحقيقة الماثلة ، ويهتفون بإسمهُ قُبيل كل جلسة من جلسات محاكمته المُخزيه لشخصه ومن ينتمون إليه ، وتنتابني التساؤلات .. هل هؤلاء محض متعصبين لمنهجهم السياسي أم هٌم مدفوعين بمالٍ أو وعودِ قادمة بالإستنفاع إستظلالاً بجُلباب الرئيس المخلوع إن نجا ،
هل هؤلاء مرضى نفسيين وقد أعماهم (عُصاب) الإنتصار للذات ولو تقاذفتها الهزائم والتُهم المُثبته والكراهية والبغضاء من عامة الناس أدناهم وأوسطهم وأعلاهم ؟ ،
بين الذي يجري أمام ساحة محكمة الرئيس المخلوع قبيل كل جلسةٍ وما يجري في شوارع وأزقة الخرطوم بإسم الثورة ليس مجرَّد خلاف سياسي أو صراعٌ حول إحقاق الحق وإبطال الباطل إنه خلاف حول الإنتماء إلى الإنسانية والأعراف والأخلاق والدين وما توافق حولهُ العالم من قيَّم ، فعلاً من أين أتى هؤلاء هل هم أبناء ( آدم وحواء) أصل الإنسانية ومنبع وجود البشر أجمعين ؟ ،
هل هم فعلاً يعتقدون أن ما يُسائل عنه ويُحاكم فيه البشير الآن وما سيأتي من مُساءلات ومحاكمات كان لمجرد الإنتقام و(الخصومة السياسية) بين من أشعلوا الثورة وحزب المؤتمر اللا وطني ،
هل حقيقةً هم لا يعرفون أو (غير متأكدين) أن الرئيس المخلوع مجرم حرب ، وسارقٌ للمال العام ومتعدي على النُظم والقوانين والدساتير ومساند رئيسي لكل آلة الفساد التي أنهكت البلاد والعباد ، وأنه ُ أيضاً قاتل بإسم ممارسات جهاز أمنهِ الذي أهدر أرواح آلاف الشهداء منذ إنقلاب يونيو البغيض وحتى ديسمبر المجيدة وبإسم هيئات محاكمهِ العسكرية التي أهدرت أرواح 28 ضابطاً من شرفاء القوات المسلحة ما أذنبوا شيئاً غير أنهم أرادوا إسترداد البلاد من قبضة فاشية الإنقاذ وتنطعها على السودان والسودانيين بإسم الإسلام الذي كان أكثر المتضررين من إدعائهم الإنتماء لهُ ، اللهم ردَّهُم إلى رشدهم خصوصاً من كان منهم في سن الشباب ، ثم ردهم إلى بلادهم وأمتهم سالمين.
بغض النظر عن الحُكم بالخطأ والصواب أو إثبات التهمة ونفيها ، أعتبر ما تداولته الأسافير وبعض الصحف من تعليقات ووثائق إحتوت خطاباً لمدير مكتب وزير البنى التحتية موجَّه لثلاث هيئات منفصلة يحثها فيه للمساهمة في علاج أخت الوزير بمبلغ إجمالي مُقدر بـ 149,000 جنيه سوداني ،
أقول أن هذه الواقعة واحدة من (بُشريات) المسار الصحيح لإلتفاف الإعلام والمختصين وعامة الناس حول النهج الديموقراطي المبارك الذي إنتظم هذه البلاد ، فمجرَّد (صعوبة) و(إستحالة) إخفاء الحقائق وإمكانية تسرب الوثائق والإثباتات هو(أنجع) ترياق يمكن أن يُعالج داء الفساد الإداري والمالي الذي إستشرى في مؤسسات الخدمة المدنية ، في العهد البائد الذي كان (يبني) عبر آلية الولاء السياسي والتواصُل التنظيمي (حوائطاً صلدة) تمنع الوصول إلى المعلومة أو الحصول على الوثائق والإثباتات الكفيلة بفضح الوقائع ،
كان الفاسدون دوماً في مأمن من العقاب والفضيحة ، فلا الأسافير ولا الإعلام ولا أجهزة الدولة الرقابية بقادرة على إختراق حائط النفوذ والإحتماء بذوي المناصب والحظوة ، ولا الضمائر كانت قادرة على اليقظة حين كان الحق والقانون ومؤسسية الدولة جميعهم يغطون في ثباتِ عميق .. مرحاً بالحرية والشفافية والديموقراطية وعُلو القانون فوق هام الجميع.