تابعت مساء امس وعبر تلفزيون السودان لقاءً ضم ثلاثة من أبناء شهداء رمضان ١٩٩٠م .. تحدثوا بمرارة والدموع تملأ عيونهم عن أبائهم الذين تم اعدامهم بطريقة وحشية .. وفي ليلة واحدة وفي العشر الأواخر من شهر رمضان المعظم .. ثمانية وعشرون ضابطاً من خيرة رجال القوات المسلحة تم إعدامهم ببشاعة .. تخيلوا أن واحدة من أعز امنيات هؤلاء الابناء هي معرفة مكان قبور آبائهم .. ثلاثون عاماً مضت وهم يسألون البشير وزمرته .. أين دفنتم آباءنا ؟؟!!
وتحدثوا والغصة في حلوقهم كميات المعاناة التي واجهتها أسر هؤلاء الشهداء طوال هذه السنوات .. من سجن واعتقالات وحرمان من العمل ومطاردات ومضايقات لم يسلم منها لا أبناء الشهداء ولا زوجاتهم ولا إخوانهم ولا أخواتهم .. قمة المأساة الإنسانية.
والآن وبعد انتصار الثورة على قوى البغي والعدوان فتحت كوة ضوء صغيرة لأبناء الشهداء بتكوين لجنة التحقيق التي أعلنها النائب العام.
وأنا في تقديري الشخصي أن التحقيق في جريمة إعدام شهداء رمضان والتحقيق في أحداث مجزرة القيادة أهم بكثير جداً من التحقيق في قضايا الفساد .وشعار الثورة الخالد (الدم قصاد الدم وما بنقبل الدية) من أفضل شعارات ثورة ديسمبر العظيمة … لا تهاون في أي دم تم سفكه من هؤلاء المجرمين في اي بقعة من هذا الوطن في كجبار وفي دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق .. من سفك دما يجب أن ينال عقابه، ولا تهاون ولا تراجع عن ذلك .
أحد ابناء الشهداء تحدث والدموع تملأ عينيه .. قال إنهم علموا أن آباءهم حتى لم يدفنوا بطريقة آدمية ناهيك عن محاكمتهم بطريقة عادلة .. قال إنهم دفنوا وبطريقة جماعية في حفرة واحدة أُعدت خصيصا لدفنهم، وإن كثيراً من الشهداء دفنوا وهم أحياء، إذ تم دفنهم بواسطة ( لودر) .. حتى إعدامهم لم يتم بالطريقة المعروفة للإعدامات العسكرية ..لا حوله ولا قوة إلا بالله .
كثيرون من الذين ارتكبوا هذه الجريمة النكراء مازالوا أحياء يرزقون، وعلى رأسهم رأس النظام البغيض، الذي ادعى أحد سدنته أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) يحضر معهم جلسات محاكمته …فلتخسأ أنت ورئيسك البئيس ..
وطالما أن الجزاء من جنس العمل .. حاكموا قتلة شهداء رمضان ولكن لا تعدموهم .. بل ادفنوهم وهم احياء ..
هكذا تقول العدالة.