بعد فورة الاندفاع الثوري التي تواصلت لشهور، والذي كان أقوى وآخر تجلياته المواكب الهدارة في 30 يونيو الماضي والتي جعلت جنرالات المجلس العسكري يدركون خيبة مساعيهم للانفراد بالسلطة،
من الطبيعي بعد كل ذلك، وبعد تشكيل الحكومة الانتقالية ان يحس البعض بأن الحكومة ليست ثورية بالدرجة الكافية، وان ما تحقق من إنجازات فوق الصفر بقليل، وفي هذا ظلم للحكومة وللثورة، فالإرث ثقيل والمشوار طويل، وطالما لجان المقاومة صامدة وفاعلة وفي حالة يقظة فإن كل شيء قابل ل”ألاستعدال”،
وإذا لم تستعدل الحكومة بعد سنة من تشكيلها “تسقط بس” ويأتي الثوار بحكومة ثورية, هل رأيتم كيف تفجرت براكين الغضب الثوري عندما ذاع أمر الخطاب الذي أصدره مدير مكتب وزير البنى التحتية طالبا من جهات حكومية المساهمة من مال الشعب في علاج أخت الوزير؟ بعد 36 من صدور الخطاب، كان من أصدره قد طار من منصبه،
والدرس المستفاد من هذه الواقعة هو أن أي عودة الى ممارسات كيزانية ستقابل بالرفض والحسم والحزم، ولهذا فإنني أحيي من قام بتسريب ذلك الخطاب، لأنه أسهم بذلك في فضح هذا الأمر الشائن ودفنه في مهده, وهذه الحادثة مؤشر مهم على أننا في سودان جديد وعهد جديد، وعلى من يريد المزيد من الأدلة على أننا انتقلنا فعلا الى مرحلة جديدة ننشد فيها النقاء والصفاء وعفة اليد واللسان والصدق والشفافية، أن يتذكر كنا وين وبقينا وين.
انظروا وتفكروا في الأمور التي تبدو بسيطة ولكن لن تحدث بعد اليوم
= ليس من الوارد أن تحتشد الألوف للاستماع لخطاب لحمدوك فيقول كلمتين ويبدأ في الرقص
= لن ينهار جسر لأن الفئران أكلته = لن يتمكن النمل من لحس 40 ألف كيلو سكر في يوم واحد = لن تنال زوجة حمدوك الدكتوراه ورأسمالها الحصول على تقدير هزيل في امتحان الشهادة الثانوية كما “مش كدا يا …..” = لن يسرق قرد امتحان الشهادة الثانوية ويبيعها للطلاب = لن يتمكن ضب من قطع كيبلات الجهد العالي الكهربائية = لن يكون هناك اسم دلع “إسهال مائي” للكوليرا و”فجوة غذائية” للمجاعة = لن يحصل أي طالب على الدرجة الكاملة في الانشاء في امتحان الشهادة الثانوية = لن يحاول حمدوك أو غيره إقناعنا بأنه ابن بلد بسيط لأن أحد أسنانه مكسور
لن (ماذا) … أترك لكم إكمال القائمة وعندها ستحسون بأن المظاهر التي اختفت في حد ذاتها نقلة مهمة في مسار وطننا نحن غد أفضل.