صحيفة الجريدطالما أيَّدنا الخطوة التي بدأت بها وزيرة الشباب والرياضة (تفعيل) نظرية إحتكام صاحب المنصب والنفوذ إلى القانون (خِصماً) مع عامة الناس أصفيائهم وبسطائهم في إشارة إلى (حيادية) العدالة ، وذلك حينما قاضت الشيخ عبد الحي يوسف في ما تعتقد أنه يُمثِّل إهانةً لها وتشهيراً وتعريضاً لحياتها وأسرتها للمخاطر ، علينا أن نواصل في تأييد المبدأ نفسهُ حينما تقاضي قوات الدعم السريع كمؤسسة الأستاذ / صديق يوسف القيادي بالحزب الشيوعي عبر بلاغ يحتوي بيَّنة كانت عبارة عن إعلانه في إحدى الصحف تحميلهُ المسئولية الرئيسية لمجذرة إعتصام القيادة العامة وحوادث قتل المدنيين في درافور لقوات الدعم السريع ،
وطالما أنا قد إعترفنا بقوات الدعم السريع وشرعية وجودها كواحدة من أجنحة القوات المسلحة السودانية كما صرَّح بذلك أكثر من مرة رئيس مجلس السيادة وعدد من القيادات العسكرية العُليا بالقوات المسلحة ثم جعلناها بعد ذلك شريكاُ أصيلاً في مسيرة إيصال هذه البلاد إلى بر الأمان ، وجب علينا أن نُقر من خلال هذا الواقع بأن الحق والقانون والمباديء الدستورية لا تتجزأ ولا يمكن تجاوزها عبر التصنيف المسبق للمُدّعي والمُدَّعى عليه ، وللقاضي فقط عبر القانون الكلمة الأخيرة في تحديد من تعَّدى على الآخر ومن هو على صواب ومن كان على خطأ ،
كلما نرجوه من إستفادة يمكن أن يحصل عليها (نُخبة) العمل السياسي اليوم في السودان وإن بلغت خبراتهم من السنين والتجارب ما بلغت ، أن لا يرفضوا مبدأ الإستزادة من التعلم وإكتساب الخبرات الجديدة ، نتوقَّع من نخبتنا السياسية أن تمتلك (الخبرة) و(الحِنكة) في (إخراج) و بناء مضمون التصريحات الإعلامية بما يجعلها في (مأمن) من المُقاضاة بالقانون في عهد سيادة القانون.
أما ردة الفعل نفسها المُتمثِّلة في فتح هذا البلاغ من قِبل قوات الدعم السريع تُعتبر (إشارة) إيجابية ربما قادت إلى (تحوَّل) مبدئي في نظرة ناقدي أساليب الدعم السريع في التعامل مع مثل هذه المواقف في زمانٍ سابق ، فالمؤسسات والكُتل الإدارية والفنية يُقاس أداءها ومدى إنضباطها وقدرتها على التعامل مع الوقائع والصعوبات عبر ما يُصدر منها من معالجات وردود أفعال تجاه تواصلها مع المجتمع الخارجي ،
وبكل حيادية وكما كنا دائماً نقف بصلابة ضد الكثير من تجاوزات الدعم السريع في كثيرٍ من الأحداث ، وجب علينا أن نشير إلى هذا الإتجاه الإيجابي في التعامل مع الخصوم ، والإرتكان إلى مباديء هذه الثورة وهذا العهد الديموقراطي الذي ظل وبلا توقف يُعلي من مبدأ الإنحياز إلى دولة المؤسسات وسيادة القانون على الجميع ، فالرسالة التي توجهِّها إدارة قوات الدعم السريع عبر هذه الحادثة واضحة المعالم ومفادها المُعلن (أن الحق لا يؤخذ بالقوة ولكن يجلب بالقانون) وهذا مُجمل ما يعبِّر عنه المنهج ىالديموقراطي ، طالما توفَّرت المؤسسات العدلية النزيهة والمُحايدة والقادرة على إيتاء الحق لمن إستحق.