• “ودعا وزير الثقافة والاعلام فيصل محمد صالح إلى احتفال قريب بعودة حقوق المفصولين، وتسوية أوضاعهم “لإزالة وصمة العار التي تركها النظام البائد”، مشدداً على أنهم حرصوا في الحكومة الانتقالية على عدم استمرار هذه الوصمة، ولم يحيلوا أحداً من خدام النظام السابق للصالح العام باسم الثورة”.
• وردت إفادة وزير الثقافة والاعلام في مؤتمر صحفي نظمته اللجنة التنفيذية للمفصولين تعسفيًا بالخرطوم، ولما كانت هذه هي المرة الثالثة أو الرابعة التي يطلق فيها أستاذنا المحترم فيصل مثل هذا التصريح، وكان قد صرح لأول مرة خلال لقائه بالعاملين في وكالة السودان للأنباء عقب تسلمه مهام منصبه مباشرة، وقال يومها لم نأت لنفصل أحدا.. وأقامت تصريحاته تلك عاصفة من الجدل والهجوم عليه وعلى الحكومة في وقتها.
• فمن المهم أن نعرف باسم من يتحدث الوزير، وهل تمثل هذه التصريحات التي تشير لإبقاء عناصر النظام البائد والتسامح معها، وجهة نظره وموقفه الشخصي، أم تمثل رأي الحكومة الانتقالية التي يستند تفويضها على أهداف وشعارات الثورة، وبنود الوثيقة الدستورية التي نصت في مهام الفترة الانتقالية البند (١٥) بوضوح على الآتي: – تفكيك بنية التمكين لنظام الثلاثين من يونيو (١٩٨٩م) وبناء دولة القانون والمؤسسات.
• ومن المعلوم ان التمكين المقصود هو تمكين اقتصادي من خلال صناعة اقتصاد موازٍ للتنظيم وعناصره لجهاز الدولة يعطيهم الغلبة المالية على منافسيهم، وتمكين سياسي عبر تمكين حزب المؤتمر الوطني ولافتاته السياسية والمدنية وعناصره من السيطرة على الحياة العامة وعلى جهاز الدولة بجميع مفاصله ومستوياته، وقد فعلوا ذلك حرفياً من خلال بث عناصرهم في جميع المواقع القيادية في كل مستويات الحكم وهياكله.
• فما هو التمكين الذي تريد الحكومة الانتقالية تصفيته ان كان وزيرها للاعلام يؤكد المرة تلو الأخرى انهم لم يحيلوا أحداً للصالح العام حتى “خدام النظام السابق”، وأنهم لم يأتوا ليفصلوا أحداً، وهل في ابقائهم على خدام النظام السابق دلالة على التسامح أم الغفلة في مرحلة زلقة ولا تقبل مثل هذا التهاون والمثالية، ام ان في ذلك انحرافا عن تفويضهم وتجاهلا لركن اساسي من الوثيقة الدستورية التي تشكل اساس الحكم الانتقالي..؟
• وهل يتصور الأستاذ فيصل ان بامكانه إدارة جهاز الدولة في وجود عناصر النظام البائد وخدامه.. فمن الذي يصنع الأزمات واحدة تلو الأخرى ويضع العقبات في طريقهم برأيه وكيف سيبطلها ويوقفها..؟ وكيف يتسق موقفه هذا مع الاعفاءات من الخدمة التي يقوم بتنفيذها بعض الوزراء..؟
• بل كيف يتسق مع تأكيده هو نفسه لقناة العربية في منتصف سبتمبر الماضي بأن “الدولة العميقة ليست أكذوبة أو خيالاً، وهناك مجموعات ارتبطت بنظام الإخوان المسلمين السابق، ربما أيديولوجيا، وربما بدافع المصلحة، وفي كل الأحوال فإن هذه المجموعات ستقاوم التغيير، وأتوقع أن أواجه بعض الإشكالات، ولدي تصور للتعامل معها”.
• إن هذه الحكومة لم تصل الى الحكم وفق تسوية او حوار مع نظام الرئيس المخلوع حتى تقبل مرغمة بالابقاء على خدام النظام البائد، انما أتت بعد إنتصار مدوي اسقط النظام بلافتاته وشعاراته وممارساته وعناصره التي قاتلت الى جانبه بكل الوسائل حتى السقوط، وعبر الشعب لنصره بحرا من الدماء غمر جميع انحاء البلاد، وبعد قتال ضارٍ لإسقاط هذه الطغمة التي لم تبد عناصرها أي ندم على ما قامت به من جرائم حتى الان، بل ما زالت تستهزئ وتستفز الشعب وتسخر من ثورته، وتهدد وتتوعد بالويل والثبور وعظائم الأمور، وستنفذ اقوالها متى ما بلغت أسباب القوة وتمكنت منها، وبعدما ذاق شعبنا الأمرين من نظام الإنقاذ ومنسوبيه الذي مارسوا بحقه كل قبيح.
• ويذكر الناس مئات الموظفين الحكوميين الذين اوقفوا وفصلوا من العمل بسبب مشاركتهم في الاضرابات والعصيان بسبب عناصر النظام ووشاياتهم وتآمرهم عليهم، ومن سخرية القدر ان بعضهم ما زال يواصل التآمر واستهداف الموظفين المساندين للثورة داخل جهاز الدولة نفسه حتى في عهد الحكومة الانتقالية بلا رادع أو وازع، وما زالوا يواصلون في تخريبهم وتآمرهم المتعمد ويوجهون مختلف صنوف التهديد والاهانات لشعبنا ولحكومته، ويفعلون ما بوسعهم لاضعافها بتعطيل اعمال جهاز الدولة وشل قطاعات الخدمات، فهل يريد الوزير الذي أتت به الثورة أن يتمثل اخلاق المهاتما غاندي وهو يرى التأمر يحيط بحكومته من كل جانب.. على من تقرأ مزاميرك يا داؤود..؟!
رد وزير الثقافة والإعلام على المقال منقولاً من صفحته الفيسبوك: