لاحقت المطرب الشاب جمال فرفور منذ أمدٍ ليس بقريب الكثير من الشائعات ، كان أهمها إنتمائه لجهاز الأمن والمخابرات الوطني في عهد الإنقاذ البائد ، وقد ظل هذا (الإتهام) محل شكٍ بين كونهِ حقيقي أو مجرد فِرية ، إلى أن صرَّح جمال فرفور عبر منتدى صحيفة حكايات وفي إجابة عن سؤالٍ حول الموضوع بهذه العبارة (نعم أنا ضابط في جهاز الأمن والمخابرات بقسم الشئون القانونية .. وأفتخر) ، أقول هذا وقد تداولت وسائل التواصل الإلكتروني في اليومين السابقين أخباراً عن إقالة جمال فرفور وإنزاله المعاش الإجباري في رتبة عميد ، ورغم إيماني بأن المحتوى الإبداعي للفنان لا يمُت لسلوكياته الشخصية بأية صِلة أو علاقة ،
وأن المبدعين أياً كان شكل إبداعهم يُحاكمون فقط على ما ينتجون من فن .. وليس أيي شيٍ آخر ، إلا أنني في هذه الحالة أجد (صعوبة) في تفهم الأمر ، كيف لفنان ومبدع حقيقي أن تكون له القدرة على التواجد الحسي والفكري والمعنوي ولو لساعاتٍ محدودة في منظومة كمنظومة جهاز الأمن والمخابرات الوطني إبان عهد الإنقاذ المشئوم ،
ولو كان ذلك تحت وظيفة ساعي في مكتب من مكاتبه ، ناهيك أن تكون في قسم الشئون القانونية بالجهاز ، هذا القسم الذي تعتبر من أهم إختصاصاته وواجباته الوظيفيه (تزيين وتدبير وتكتيك) المخارج القانونية التي تنتشل إجراءات الجهاز من دائرة المخالفات الجنائية وفي ذات الوقت تعمل على (إعداد البيِّنات القانونية والأسانيد المُتاحة ) التي من شأنها عدم (تمكين) خصوم الجهاز من معتقلين ومتهمين ومُعذبين ومقتولين من الحصول على (حق أو باطل) من منسوبي الجهاز في ما تجاوزوا فيه أو إرتكبوه من تعديات وجرائم ،
حسب تصريحهُ يقول فرفور أنه كان يعمل هناك و(يفتخر) ، وأيي فخار يمكن أن يلبسهُ الفنان المبدع قِلادةً لا تضاهيها الرتب فوق الكتوف أكثر من وجوده قريباً من (عامة) الناس وقضاياهم وحقوقهم ومظالمهم ، ألا يعلم جمال فرفور ما تنطوي عليه العلاقة بين عامة الناس وجهاز الأمن والمخابرات ؟ وهل علم فرفور أين كان موقعهُ في ضمير الأمة عندما خرجت الجماهير ضد النظام وكيف تصدَّى لها جهاز الأمن والمخابرات بالقتل والتنكيل والإذلال وإزهاق الكرامة ،
كيف للفن والإبداع الساطع أن يتوافق مع أفكار ظلامية كالتجَّسُس والقهر والتعذيب والقتل ونُصرة القوي الظالم على الضعيف المظلوم ، لا مجال عندي للشك بعد أن حاصرني اليقين أن ما عند فرفور ليس إبداعاً ولا يحزنون .. إنه على ما يبدو مجرد (إستنطاق قسري) لموهبة مُبهمة في إحساسها بمن حولها ومبتورة الأذرع حين أرادت إحتضان جمهورها وما من سبيل ،
الفن الحقيقي لا تقوم له قائمة دون عواطف مشتركة و(متبادلة) بين صانع الفن والإبداع ومن يتلقى منه ، ليس بمقدور فنان حقيقي أن يمتهن مهنةً (بمواصفات وإختصاصات منسوبي جهاز الأمن في عهد الإنقاذ البائس) أيَّاً كان موقعهُ فيها وكيف ما إتفق ، هل يمكننا تجاوز ذلك ثم نُقدم على تصنيفهُ تحت قائمة المبدعين أو وصفهُ بصاحب (إحساس ٍ مُرهف) وشعورٍ نبيل ، لا أظن فالنقائض المُتنافرة لا يمكن تعايُشها في قلبِ فنانٍ صَدوق.