دونما ذكر أسباب أعلنت جوبا تأجيل مفاوضات السلام التي ترعاها بين الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة؛ غير أن الراجح في أسباب التأخير تلك المسائل المتعلقة بالتمويل الإماراتي الذي تعذر وصوله في الموعد المحدد، فاضطرت جوبا المنهكة اقتصاديًّا إلى تأجيل الجولة إلى حين.
هذا عطفًا على ترتيبات الحكومة داخليًّا والتي يبدو أنها غير منسجمة كليًّا في قرار ورؤية موحدة تجاه عملية السلام التي يتحرك في إطارها المكون العسكري بشكل أحادي، وربما هذا الأمر ظهر في حديث الشفيع خضر الذي أدلى به لصحيفة (التيار) حول سير عملية السلام الحالية التي قال إنها من الصعب أن تعبر بشكلها الحالي، ورأي الشفيع يعبر لدرجة عن رأي الحكومة المدنية التي تسرَّب ملف السلام من بين يديها.
وفقًا لإعلان جوبا بين الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة فإن تسمية وتعيين الولاة رهين بالتوقيع على اتفاق سلام. الولايات التي لم يستشعر مواطنوها حتى اللحظة أقل درجات التغيير تعيش أوضاعًا ماساوية وليس بمقدورها الانتظار طويلا. الانتظار حتى ترسو سفينة السلام على منبر متَّفق عليه.
التنافس بين دول الجوار والدول العربية على ملف سلام السودان، والتنافس بين الدول العربية نفسها أو بين المحاور المتصارعة خاصة بعد دخول قطر في الخط ومحاولتها استرداد الملف الذي بدأته في وقت سابق، ثم تنافس شريكي الحكومة الانتقالية داخليًّا على من يجلب السلام، ثم تنافس المكون العسكري نفسه فيما بينه.
كل هذا يجعل عملية السلام محفوفة بتفاصيل كثيفة مما يصعب أمر حسمها في الاتجاه الذي يخدم على نحو السرعة الوضع داخليًّا.
التنافس على منبر التفاوض مربوط بمن يموّل عملية السلام مقروء مع ضغط أمريكي لنقل التفاوض داخليًّا ومع رغبة بعض الحركات المسلحة في أن ينحصر المنبر بين عواصم الحلفاء، وتمسك الحركة الشعبية-عبد العزيز الحلو بمنبر جوبا، كل ذلك يجعل الاتفاق أسهل في أن يكون المنبر الخرطوم نفسها. أن تنتقل عملية السلام داخليًّا.
وبذا يكون الجميع في مسافة واحدة من دول الجوار والدول العربية وفي مسافة واحدة من دول المحور، هذا عطفًا على الالتفاف الشعبي الكبير الذي ستحظى به عملية التفاوض داخليًّا، أن تكون تحت سمع وبصر كل السودانيين. الضغط الشعبي مطلوب لإنجاز السلام الذي تترتب عليه بقية مطالب الثورة، وحتى الآن لم تجد عملية السلام الالتفاف والضغط الشعبي المطلوب