عمت الشعب السوداني فرحة غامرة بصدور قانون تفكيك نظام الانقاذ ، و شعر الشعب بان تضحياته في هذه الثورة لم تذهب سدى و أن القرارات الثورية و إن تأخرت فهي لا محالة قادمة . فرحة الشعب بالقانون كان مصدرها مسودة مشروع قانون تفكيك نظام الانقاذ و التي تسربت قبل الاجتماع المشترك بين مجلس الوزراء و مجلس السيادة ، و بالتالي حين أعلن عن اجازة هذا القانون بواسطة الاجتماع المشترك ظن الشعب بأجمعه ان القانون قد اجيز بصيغته الكاملة التي تسربت و بناءا على ذلك عمت الافراح بحل حزب المؤتمر الوطني و مصادرة أمواله و حل نقاباته و اجسامه و عزل قادته سياسيا لعشرة سنوات .
للاسف الصحف الصادرة صباح اليوم السبت بالخرطوم حملت خبرا آخر حين أفادت بأن الاجتماع المشترك لم يجز القانون بالكامل و أن هناك مادة اختفت من القانون و هي المادة ٨ مادة العزل السياسي و التي تنص على انه لا يجوز لأي من رموز نظام الانقاذ و الحزب ممارسة السياسة لمدة لا تقل عن عشرة سنوات من تاريخ اجازة هذا القانون .
حتى هذه اللحظة لا نعرف على وجه الدقة هل المادة اختفت بالكامل ، أم عدلت ، أم تم تغيير موقعها من مادة لوحدها و إضافتها إلى فقرة ضمن مادة أخرى ، كما لا نعلم هل ما قالته الصحيفة صحيح ام خطأ !!! و لكن ما الذي يدعو الصحيفة للكذب في أمور كهذه ؟! . بل عضد حذف هذه الفقرة الحديث الذي أدلى به الأستاذ إبراهيم الشيخ القيادي بحزب المؤتمر السوداني و القيادي بقوى الحرية و التغيير لاحدي القنوات الفضائية السودانية بالامس حين قال بأنهم ليس مع حظر المؤتمر الوطني لعشرة سنوات و إنما مع عزله في الفترة الانتقالية . و المتمعن في هذا القول يصاب بالحيرة ما الذي يقصده الأستاذ إبراهيم الشيخ من عدم حظر المؤتمر الوطني لعشرة سنوات ؟ هل يقصد الحزب ؟ ام يقصد رموز الحزب ؟ اذا كان يقصد الحزب فهذا مخالف لنص القانون و الذي أقر حل الحزب نهائيا و شطبه من سجل التنظيمات و الأحزاب السياسية بدولة السودان ، أما أن كان يقصد رموز المؤتمر الوطني فهذا اذا المصدر الذي جاء منه اختفاء مادة العزل السياسي .
حديث الأستاذ إبراهيم الشيخ يجعلنا نستفسر ، ألم تطلع قوى الحرية و التغيير على مشروع القانون قبل وصوله مجلس الوزراء ؟ فقد علمنا ان هذا المشروع تمت صياغته بواسطة قانوني الحرية و التغيير، و لهذا فإن بصمتهم بحل نقابة المحامين بالنص دون غيرها من النقابات واضحة كالشمس في رابعة النهار ، فلماذا لم يتم تعديل هذه المادة من قبل قوى الحرية و التغيير قبل وصولها الاجتماع المشترك ؟ ام ان هناك خلاف عليها و أجيزت بالأغلبية؟ و لكن أصحاب الرأي المخالف وجدوا دعما من الاجتماع المشترك و هكذا اختفت المادة التي لم تحظى بالأغلبية في مسارها الأول؟!!
قد يكون السيناريو اعلاه هو ما حدث ، و قد لا يكون ، و لكن الاكيد ان صحف الخرطوم اليوم قد حملت نبأ اختفاء مادة العزل السياسي ، و الأسئلة المهمة التي تبرز هنا هل بالفعل تم حذف مادة العزل السياسي بالكامل ؟ ام تم تعديلها فقط ؟ هل هناك مواد أخرى تم حذفها من القانون ؟ أين هو القانون بصيغته النهائية؟ يجب أن ينشر هذا القانون بصيغته النهائية على الملأ من قبل وزارة العدل حتى تعرف الجماهير هل تفرح بهذا القانون ام لا ، فالشاهد ان قانون العزل السياسي كان واحد من أسباب فرح هذا الشعب الطيب و ليس من الحكمة تركه يفرح بإخفاء المعلومات و الحقائق .
sondy25@gmail.com