وبما أن شعار هذا العهد الجديد ما زال سارياً (زمن الغتغته والدسديس إنتهى) ، لا أتحرَّج في هذا المنبر الإعلان عن غبطتي وفرحتى اللامحدودة بذلك الإضطراب والهلع والخوف الذي أصاب (جبابرة) المؤتمر عقب إجازة قانون حل حزب المؤتمر اللاوطني وتفكيك دولة تمكين الجبهة الإسلامية التي إنقلبت على الحكم الديموقراطي في أبريل 86 ، وكذلك ينتابني شعورٌ بالرضا عن الذات والإطمئنان على مستقبل البلاد وأجيالها القادمة من شباب الثورة الجسور كلما إستمعت إلى المرافعات (البكائية) للفارين من العدالة الإنتقالية من رموز وقيادات اللاوطني ، طبعاً ليس في ذلك ما يمكن أن تبدو فيه شائبة (شماتة) طالما كان الأمر متعلِّق برموز وطغاة العهد البائد ، لأنه وفي هذا المقام هم بالنسبة إلينا ليسوا سوى (مُتعدَين) على الوطن وحقوق المواطن طيلة 30 عاماً عِجاف لم ترى فيها البلاد والعباد سوى الجوعُ والفقرُ والإذلال و(الإقصاء) المُمنهج لكل صاحب رأيٍ مُغاير وعبر أدواتٍ في بعض الأحيان كان أيسرها القتل والتشريد والنفي القسري ،
الآن تستعيد قوى الثورة عافيتها بعد أن كادت أن تخور ، ثم إستعادت حكومة حمدوك وحاضنتها السياسية ثقة الشارع فيها من جديد بعد أن كاد الإحباط يصبحُ مِعوَّلاً (إسترتيجياً) متحالفاً مع فلول النظام البائد في هدم آمال وطموحات هذا الشعب الجسور الذي قدَّم أرواح شبابه فداءاً لهذا الوطن ، وثمناً للإنعتاق من قبضة حزب المؤتمر اللاوطني المحلول بأمر الشعب والقانون والقيَّم والأخلاقيات السودانية الأصيلة والنبيلة.
بكائيات الذين يُعادون ويُناوئون إرادة الشعب السوداني الآمر والناهي الأول والأخير في ما سيئول إليه أمر هذا البلد الشامخ تستحق الوقوف عندها تامُّلاً وتعجُّباً ، ومنها بكائية القيادي في الحزب المحلول أنس عمر والتي أكثر ما أعجبني فيها (إستمتاع) الشعب السوداني بهزليتها الممقوتة ، ما زال أنس عمر يتحدث عن الفضائل والقيَّم الديموقراطية التي وصف فيها الإقصاء بأنهُ جريمة ، وفي محاولاتٍ (بهلوانية مُستميتة) لدفعنا نحو نسيان ماضيهم الأسود في مجال التعامل مع مبدأ قبول الآخر والإعتراف به في المُعترك السياسي والإنساني معاً ،
يقول أن نشاطهم (الفكري) و(الدعوي) لا يُحاكم ولا يمكن إيقافهُ بالحل ولا القانون وتحدى مجلسي السيادة والوزراء أن يستطيعوا تطبيق ذلك على الواقع ، ونقول له تعاطفاً مع بكائيته الممجوجة والممسوخة ، أن تفكيك التمكين لن يطال فكركم ولا منهجكم الممقوت لأنه قد لقى حتفهُ منذ أن خرجت جماهير الشعب السوداني في 6 أبريل 2019 وقالت فيه قولتها الأخيرة ، وبذلك فالتفكيك لمن لا يعلم سيطال الدولة الموزاية التي أنشأتها الجبهة القومية الإسلامية بعد إنقلاب 89 ونافست بها بل هزمت بها الدولة الرسمية وأوهنتها وأدخلتها في غيبوبةٍ طويلة الأمد ، سيشمل التفكيك إقالة كل رموز المؤتمر اللاوطني في أعلى هياكل مؤسسات الخدمات المدنية بما في ذلك المؤسسات والشركات والمراكز الإقتصادية والخدمية والدعوية والطوعية ،
كل أولئك الذين ولجوا إلى مراكز إتخاذ القرار عن طريق الموالاة السياسية للحزب المحلول ، كما سيطال التفكيك كل المؤسسات والمنظمات والهيئات الإقتصادية التي تستثمر بإسم الدولة وإمكانياتها وتصب مروداتها في (كرش) التنظيم السياسي للجبهة الإسلامية القومية بما فيها حزب المؤتمر اللاوطني وما يُسمى بالحركة الإسلامية ، مالكم يا أنس كيف تحكمون ؟ هل كنتم تعتقدون أن الثورة مجرَّد (لعبة) إن هُزمتم فيها عُدتم لتنافسوا الشعب السوداني فيها من جديد وكأن شيء لم يكن ، لا بد من الحساب وأخذ حق الوطن والمواطن بمكيالٍ لا تتناوشهُ المحسوبية ولا البهلوانية ولا يؤثِّر في نتائجهُ ومردوداته غير القانون والعدالة والمساوة.