ليت الدكتور عبد الله حمدوك رئيس الوزراء – وبكل قوة وجرأة- يعلن القرار التاريخي الذي ينقل السودان كله إلى حقبة جديدة.. قرار مهم وحتمي لتصحيح “حال البلد” ..
القرار ينص على التالي:
أولاً: يحظر تماماً على حكومة ولاية الخرطوم صرف أية أموال على التنمية من تشييد المباني أو صيانة الطرق بصورة كاملة.
ثانياً: تمتنع ولاية الخرطوم من شراء أية بصات جديدة، والاكتفاء في معالجة مشكلة المواصلات بالمتوفر من الأصول مع إتاحة الفرصة للقطاع الخاص للتوسع في الاستثمار في النقل والمواصلات.
من المهم للغاية في هذه المرحلة من تاريخ السودان أن يحدث تغيير بنيوي في منهج إدارة الدولة.. تغيير يتجاوز التفكير السياسي المعلَّب والمحنّط الذي يحاول أن يسوق فكرة (الهامش مقابل المركز) في الكسب السياسي دون أن يكون هناك معنى أو إلزام حقيقي بمطلوباتها.. ليكون المنهج الجديد أن الاستثمار في الولايات أفضل وأسرع طريق لإصلاح حال البلد كلها بما فيها المركز.. تحت شعار (كل دولار ينفق في الولايات يعود بعشرة دولارات في عام واحد.. وكل دولار ينفق في العاصمة يجبر عشرة أسر سودانية على الهجرة من الولايات إلى العاصمة).
التنمية يجب أن تتوجه كاملة إلى الولايات، وبترتيب الأهمية الاقتصادية لها.. في المرتبة الأولى تأتي ولايات : القضارف–كردفان الكبرى – النيل الأزرق – دارفور الكبرى.. هذه الولايات مترفة بالموارد من كل طيف.. ولا تحتاج التنمية فيها لأموال كثيرة.. فالخير فيها ناهد وريف.. أدفع دولاراً يعود إليك عشرة.. في عام واحد.. وعلى هذه الولايات بعد أن تحقق التنمية المطلوبة في مدنها وقراها أن تنفق على إصلاح (الصالون) الذي تستقبل فيه ضيوف البلد ، العاصمة الخرطوم..
سيكتشف السودانيون إنهم ظلوا يعملون بحكمة عادل إمام في مسرحية “شاهد مشافش حاجة” عندما قال لحجاب المحكمة (سايبين الشقة كلها فاضية وساكنين في أوضة واحدة).. سيبدأ موسم الهجرة إلى الولايات.. عندما تصبح المدن الأخرى أجمل من العاصمة ويتوفر فيها العمل والسكن والخدمات بأكثر مما هو في العاصمة..
في تقديري؛ نحن في سياق بناء الخطة الاستراتيجية لدولة السودان الحديثة، نحتاج لتصميم منظومة المدن وفق المعايير التالية: مدن مركزية – مدن كبرى – ومدن عادية.
المدن المركزية هي التي تشكل (محور ارتكاز) وهي الخرطوم – الأبيض – الفاشر – سنار .. تصبح الثلاث في مستوى “عاصمة قومية”..
مدن كبرى City وهي : نيالا –كادوقلي–تلودي– كوستي – مدني –الدمازين- القضارف– كسلا –بورتسودان – عطبرة – مروي –دنقلا– وادي حلفا.
مدن Twon: الجنينة –زالنجي–الضعين–بابنوسة – بارا – أم روابة– أبو جبيهة –الدويم– القطينة – رفاعة – شندي – بربر –طوكر– القلابات –قيسان.
لابد من إعادة التوزان في التنمية حتى لا تصبح الخرطوم هي السودان – كما هو الحال اليوم – و يحدث تجريف سكاني خطير في الولايات يهدد الأمن القومي السوداني.