بينما يتأهَّب السيد / عبد الله حمدوك رئيس الوزراء وطاقمهُ المصاحب للسفر إلى الولايات المتحدة لإستكمال مجهودات الحكومة الإنتقالية في إنتشال إسم السودان من قائمة الدول الراعية بالإرهاب ، ما زال بعض الحالمون بتقهقر المد الثوري الذي إنتظم البلاد ليرفع راية الحرية والعدالة وأمل السودان في إستئناف مسيرته نحو التنمية التي توقفت وأُقعدت لثلاثين عاماً ماضية ، يلوون عنُّق الحقيقة ويُعلنون إستمرارهم وإستمرائهم لمذمة الإصطياد في الماء العكر عبر إعلامهم المباشر والإلكتروني المُعادي للثورة ،
مُتهماً مجموعة من المناضلين الشرفاء الذي قدَّموا أعظم التضحيات من أجل هذا الوطن ونافحوا عنه ضد نظام الإنقاذ البائد بكل من يملكون من نفائس بدءاً ببذل الأرواح وإنتهاءاً بالسجن والتعذيب والتشريد في المهاجر وداخل الوطن ، يتهمونهم بأنهم كانوا في زمانِ سابق إبان وجودهم على رأس المعارضة الخارجية والداخلية أول الداعمين والمنادين بتدخل المجتمع الدولي وبذلهِ جهداً ملموساً في حماية السودان وشعبه من حكومة المؤتمر الوطني المُتمرِّسة في طغيانها بالجبروت والفساد وعدم التردُّد في بيع الوطن والمواطن من أجل حفنة عملات أجنبية تبعثرها لها أرضاً بعض الدول والتجُّمعات والمنَّظمات الإقليمية المشبوهة في مراميها وأهدافها ومصالحها نحو السودان ،
كل ذلك في إشارة إلى أن أهل المعارضة الذين يتصدون اليوم للمصيبة الكبرى التي وقعت فيها البلاد ويعاني ويلاتها العباد عبر برنامج الفترة الإنتقالية هم ذات أولئك الذين طالبوا ودعموا إدراج إسم السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب ثم جاءوا اليوم يسعون ويجتهدون في إزالة إسمهُ منها.
ونقول لهم ولو إفترضنا أن هذا قد حدث ، فلا حرج ولا ضير من ذلك طالما كانوا يستمدون شرعية سعيهم هذا من قداسة تجريب كل (الأسلحة) و(الضغوط) التي من شأنها جعل أمر سقوط الإنقاذ البغيضة وإنعتاق هذا الشعب أمراً مُمكناً ، أما وقد سقطت بأمر الشعب فإن إزالة إسم السودان من هذه القائمة سيظل أمراً مُتاحاً ومُمكناً بإسم المباديء والقيَّم الديموقراطية الجديدة التي وسَّعت من دائرة توافقنا مع المجتمع الدولي ، وهو إنجازٌ سيحتفل به الشعب السوداني قريباً بإسم كفاءة ونزاهة وشرعية من يسعون خلفهُ اليوم بإسم الحرية والعدالة والسلام المُستدام في السودان ،
كما لا يفوتني أن أذكِّر فلول الإسلامويين بالأسباب الرئيسية التي دفعت بإسم السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب وهي عديدة لكن أهمها كان موقف السودان من حرب الخليج وأبواقهُ الإعلامية البذيئة التي إستعدت بكل غباء كل دول المنطقة العربية والتحالف الأوربي والولايات المتحدة ، في إشارة إلى الروح (الصبيانية) في تخطيط العلاقات الدولية وتغليب العواطف الآيدولوجية على مؤسسية المصلحة الوطنية في ذلك الزمان ، ومن الأسباب أيضاً إحتضان الإنقاذيون لأسامة بن لادن ومجموعاتٍ شتى من نشطاء الهوس الديني والإرهابي والمُطاردين والمطلوبين للعدالة من شتى بقاع العالم ، وما صاحب ذلك من تحدي نشرتهُ أجهزة الإعلام الرسمية بلا توقف تحت شعار إبادة أمريكا وتركيع روسيا ، ثم من بعد ذلك مغامرتهم اللامسئولة المُتمثِلة في محاولة إغتيال الرئيس المصري السابق حسني مبارك في أديس أبابا ، كل ذلك والولايات المتحدة وحلفائها حول العالم بما فيهم أوروبا وغيرها يراقبون ما يحدث ،
وأجهزة مخابراتهم تُفسِّر ما يصنعهُ الإعلام السوداني (إستغباءاُ) على أنهُ (مُهدِّدْ) دولي حقيقي يستحق إتخاذ مجموعة من الإجراءت القانونية والعملية ، ثم جاءت بعد ذلك أحداث 11 سبتمبر 2001 فكانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير ، لا مفر ولا جدال يا هؤلاء من تحمُّل مسئوليتكم (الكُلية) عن ما حل بالسودان داخلياً ودولياً ولسوف تُسئلون ولو بعد حين.