هب الأطباء إلى مستشفيات بحري استجابة لنداء عاجل وردهم من لجنة اطباء السودان المركزية بوجود حوجة عاجلة للكوادر الطبية بمستشفى بحري التعليمي لتغطية كارثة انفجار ضخم في مصنع بالمنطقة الصناعية بحري . و كانت المشاهد داخل المستشفى تنبيء فعلا بأن الأمر كارثة ، و كارثة فظيعة ، فاعداد القتلى ترتفع كل ساعة و أعداد المصابين كذلك .
مجلس الوزراء ذكر بان الحريق حدث نتيجة لإنفجار تانكر للغاز كان يقوم بتفريغ حمولته في صهاريج أرضية . و البيان أشار إلى تقييم اولى بغياب وسائل وأدوات السلامة الضرورية بالمصنع بالإضافة إلي عمليات تخزين عشوائي لمواد سريعة الإشتعال !!! هذه الجزئية من البيان خطيرة جدا و بلا شك تحمل إدارة المصنع كامل المسؤلية عن هذا الحريق و عن حقوق الضحايا و يعرضها للمسألة الكاملة . و يبدو أن هذه الجزئية بالذات هي ما جعلت إدارة المصنع ترد مبكرا لتؤكد بأن المصنع مطابق لمواصفات الدفاع المدني و انه يملك شهادة مطابقة بذلك من الدفاع المدني تحصل عليها المصنع قبل أربعة أشهر فقط ، و السؤال هنا اذا كان المصنع مطابق للمواصفات كما ذكرت الإدارة فكيف شب حريق هائل بهذا الحجم ؟؟!! فأيهما المخطيء بيان مجلس الوزراء ام إدارة المصنع ؟
كذلك هاجمت إدارة المصنع ادارة الدفاع المدني حين ذكرت بان اول عربة دفاع مدني وصلتهم كانت بعد ساعة و نصف من اتصالهم . هل سمعتم هذا ؟ حريق ضخم و داخل العاصمة و في المنطقة الصناعية ، المنطقة المحتمل فيها قيام حرائق و كوارث ، استغرق وصول سيارة الأطفاء إليها ساعة و نصف !! بالله عليكم كيف ستخمد نار او تنقذ روح بعد ساعة و نصف من حريقها ؟؟!!
الأمس كان كله كوارث في الحريق و التصريحات ، الضوء الوحيد جاء من سرعة استجابة الأطباء لنداء لجنة اطباء السودان المركزية حتى فاضت الكوادر ، و في بسالة قوات الدفاع المدني، فكل من شاهد الحريق كان يشير إلى أن قوات الدفاع المدني استبسلت استبسالا عظيما في إخماد الحريق و إخراج المصابين و الضحايا ، و لكن الجميع كذلك اجمع على شيء واحد و هو ان هذه القوات كانت تفتقر للمعدات اللازمة لأطفاء الحرائق بكفاءة و سرعة ، كما أنها تفتقر للادوات و الملابس الواقية للعناصر البشرية نفسها مما يجعلها عرضة للاصابة و التاثر بالدخان و السنة اللهب !!!
إذا هذه هي النتائج حتى الآن يا سادتي نحن نملك دفاع مدني استجابته للكوارث متأخرة و لا يملك المعدات و لا الأجهزة اللازمة ، مع إثبات أن كوادره تمتلك البسالة اللازمة لمثل هذه المهنة . كما نملك مصانع لا توجد فيها وسائل وأدوات السلامة الضرورية و تحدث فيها عمليات تخزين عشوائي لمواد سريعة الإشتعال . فكيف لا تحدث الكوارث ؟!
هذه المشاهد نضعها بين يدي السيد وزير الداخلية و السادة إدارة الدفاع المدني و نتسأل إذا كانت قوات الدفاع المدني بهذا الفقر في عاصمة السودان فما بالك ببقية الولايات ؟ هذا قطاع حيوي يعتمد عليه المواطنين في نجاتهم و إنقاذهم من الكوارث ، فاذا كان مفتقرا لكل شيء فمن سينقذ شعبنا ؟
إدارة المصنع كذلك ذكرت بأن جميع الضحايا هم من العمال الأجانب ، مع انتشار خبر الحريق في كل وكالات العالم الاخبارية و الصحف الاجنبية ، فان هذا يضاعف المسؤلية و الكارثة ، حيث أصبحنا اما مسؤلية داخلية بتحديد من تسببوا في هذه الكارثة و بذل الجهود اللازمة لمنع تكرارها ، و أمام مسؤلية خارجية في ضمان حقوق كل الاجانب في بلادنا في حالتي الحياة و الموت ، بالإضافة إلى بث الاطمئنان خارجيا بأن بلادنا لن تدخر جهدا في العمل على تحسين شروط منع الكوارث في مصانعها و جميع مؤسساتها . و يقع عبء كل ذلك على مجلس الوزراء الذي أكد في بيانه بالامس تكوين لجنة تحقيق في هذه الكارثة. رحم الله المتوفين و شفى الجرحى و المصابين .
sondy25@gmail.com