قانوني: يمنع استخدام الأطفال في العمل إلا في سن معينة
منظمة طفل آمن: الأطفال في الأسواق يتعرضون لكافه أنواع التحرش خاصة الجنسي
تحقيق – عرفة خواجة:
انتشرت في الفترة الأخيرة ظاهرة عمالة الأطفال ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻌﻴﺸﻬﺎ ﻗﻄﺎﻉ ﻋﺮﻳﺾ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ، وهذا ﻣﺎ ﺩﻓﻊ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﺇلى ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻨﻮﻋﺖ ﻣﺠﺎﻻﺗﻪ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﻭﺭﺵ ﺍﻟﻤﻴﻜﺎﻧﻴﻜﺎ والعمل في الأسواق، كما انتشرت بشكل مزعج ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺼﻐﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺴﻮﻝ، وهذا ﺃﺳﻔﺮ ﻋﻦ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ بالأمان، ﺗﺤﺖ ﻭﻃﺄﺓ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﻭﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﻴﺸﻴﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﺼﻌﺒﺔ، ﻭﺃﺻﺒﺢ ﻜﺜﻴﺮ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﺤﺮﻭﻣﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻤﺘﻊ ﺑﻄﻔﻮﻟﺘﻬﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺠﺒﺮﻫﻢ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ للعمل ﻓﻲ ﺳﻦ ﻣﺒﻜﺮﺓ.
كثير ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺎﺕ التي تعمل في مجال الاهتمام بالأطفال طرقت ناقوﺱ ﺍﻟﺨﻄﺮ، ﻣﻨﺪﺩﺓ ﺑﺎﻧﺘﻬﺎﻙ ﺑﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﻭﺁﺩﻣﻴﺘﻪ ﺑﺎﺳﺘﻐﻼﻟﻪ ﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎﻝ لا تتناسب مع عمره، وحذرت مما ﻳﺘﻌﺮﺽ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻣﻀﺎﻳﻘﺎﺕ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺤﺬﻳﺮﺍﺕ ﻟﻢ ﺗﺠﺪ الاهتمام ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻭﺍﻷﻣﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ تعاملت ﻣﻊ ﺍﻷﻣر ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻋﺸﻮﺍﺋﻴﺔ ﻭﺩﻭﻥ فعل ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻹﻳﻘﺎﻑ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺨﺎﻃﺮ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﻌﺮﺽ ﻟﻬﺎ ﻣﻼﻳﻴﻦ الأطفال ﻓﻲ ﺳﻮﻕ ﺍﻟﻌﻤﻞ.
تحذيرات:
ﺣﺬﺭ ﻣﺨﺘﺼﻮﻥ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﻮﻥ ﻭﻧﻔﺴﻴﻮﻥ ﻣﻦ ﺗﻜﻠﻴﻒ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﺑﺄﻋﻤﺎﻝ ﺗﻔﻮق ﻃﺎﻗﺘﻬﻢ ﺍﻟﺠﺴﺪﻳﺔ ﻭﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺰﺝ ﺑﻬﻢ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ ﺃﻋﻤﺎﺭﻫﻢ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻛﺴﺐ ﺍﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﻝ، وأكدوا ﺃﻥ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺼﺮﻓﺎﺕ ﻳﺪﺧﻞ ﺿﻤﻦ ﻣﻤﺎﺭﺳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺴﻮﺓ ﻓﻲ ﺣﻖ ﺍﻟﻄﻔﻞ، بخاصة أن الأسواق تجمع كل فئات المجتمع.
حكاية حمودي:
(حمودي ) طفل لم يتجاوز عمره عشرة أعوام، رأيته في أحد الأسواق يحمل بيده لفافة من أكياس النايلون، ويلوح بها على المارة، سألته مداعبه عن سعر ( الكيس) فأجابني وابتسامة عريضة ارتسمت على وجهه (جنيه واحد)، وبعدها دخلت معه في دردشه خفيفة وسألته عن عمرة ومدرسته وأسرته وسر عمله وأحلامه في المستقبل أجابني ببرأة ممزوجة بصدق طفولي: “أدرس بالصف الرابع وأسكن مع أبي وإخواني. والدتي توفيت، وتقاعد والدي عن العمل بسبب جلطة بالرأس جعلته غير قادر على العمل؛ لذا اعمل أنا وبقية إخوتي بالأسواق، أما أنا فأعمل لأصرف على نفسي واشتري احتياجاتي، ومضي في حديثه أقوم ببيع أكياس النايلون، وأحصل على عائد يومي قدرة 60 جنيها، أخرج للعمل بعد عودتي من المدرسة، وأحلم بأن أكون طبيباً في المستقبل”.
نعناع ياخالة:
ّ
عبد القادر طفل آخر وجدته بالسوق، وهو يلوح بحزمة النعناع في وجه سيدة بدت منهمكة في ترتيب مشترياتها وتحاول جاهدة تجاهل وجوده وملاحقته لها، لكنه كان يتبعها بإلحاح شديد، وهو يردد: “نعناع ياخالة .. شتر النعناع بي 2 جنيه بس”، انتفضت المرأة في وجهه وصاحت بصوت مبحوح من الغضب (يا ولد امش من هنا)، وانهالت عليه بالشتائم، فما كان منه إلا أن أطلق ساقيه وفرّ بعيداً منها، أسرعت أنا باتجاهه حتي لحقت به، وسألته عن اسمه وأسرته فقال: “اسمي عبد القادر”، ورفض الحديث عن أسرته ،واكتفي بأن يخبرني أنه يشتري النعناع من السوق المركزي، ويرد قيمته في نهاية اليوم بعد خصم فائدته، وقال : “تركت الدراسة لظروف أسرتي، وأعمل في السوق طوال اليو” .
تحرش جنسي:
حنين الذي لم يتجاوز الـ(10 ) أعوام، طلب منه أحد الباعة اتباعه إلى أحد الأزقة، وهناك حاول الاعتداء عليه، إلا أن حنين هرب بعد أن أطلق صرخات إغاثة، هكذا حدثني حنين عما يلاقيه من مشكلات داخل السوق، وقال : ” ناس السوق ديل ما كويسين يا أستاذة بيقولوا لي كلام قلة أدب”، وقال لرفيقه في السوق: “أحكي ليها قالوا ليك شنو، ما تخاف هي ما بتعرف بيتكم عشان تكلم ليك أمك”، ولكن رفيقه رفض الحديث، وفشلت كل محاولاتي لاستدراجة للحديث، إلا انتي تأكدت تماماً أنه هو أيضاً تعرض لمحاولة تحرش جنسي إلا أن الخوف منعه من الحديث.
ضعف الرقابة:
المستشار القانوني آدم بكر قال في حديثه للصحيفة: “إن القانون يمنع استخدام الأطفال في العمل إلا في سن معينة، وتحت ظروف معينة تناسب ظروفهم الجسدية، وهم ممنوعون من العمل إلا بعد سن التمييز وهي 18 سنة”، وأشار إلى أن هنالك ظروفاً أسرية واجتماعية تجبر الطفل على التنازل من حقوقه والخروج للعمل خاصة عندما يكون يتيم الأب، وقال: “إن ضعف الرقابة على عمل الأطفال جعل ضعاف النفوس يستغلون حاجه الأطفال إلى المال ويسخرونهم لأعمال شاقة مقابل أجر زهيد”، وأشار إلى أن هنالك كثيراً من الجهات المسؤولة عن حماية هؤلاء الأطفال وحقوقهم، منها شرطة حماية الأسرة والطفل ووزارة الرعاية الإجتماعية .
طفل آمن :
مديرة منظمة طفل آمن دكتورة صديقة مبارك كبيدة قالت: “إن الأطفال في الأسواق وأماكن العمل عموما يتعرضون لكافه أنواع التحرش خاصه الجنسي”، وأشارت إلى بلاغات متعددة رصدتها المنظمة، وقالت: “إن عمل الأطفال حسب قانون الطفل جزء من العنف”، وأكدت أن كل الأطفال بالأسواق يتعرضون لعنف لفظي وبدني من قبل الأشخاص الذين يعملون معهم.