اود، في معرض تناولي، يوم أمس، لمسيرة النهضة الماليزية، الإشارة إلى أنه سبق و أن نشرت لي صحيفة الخرطوم قبل سنوات خلت مقالا عن الواقع الاقتصادي بالهند و المازق الذي واجهته دولة الهند من جهة الفجوة الواسعة بين عدد سكانها الكبير الأخذ في الازدياد وقتها (٨٠٠ مليون نسمة) و بين مواردها القليلة مقارنة بعدد سكانها. و قد أشرت في ذلك المقال الى ان عالم الاقتصاد السويدي قونار ميردال المهتم بمتابعة النمو الاقتصادي بالدول حكم على الهنود بالفناء عندما وقف على واقع بلادهم الموسوم بالانفجار السكاني مع ضمور الموارد المحلية. و قد قام بتأليف كتاب بعنوان (Asian Dilema،) أي ( المازق الآسيوي)
في إشارة إلى المأزق الهندي الاقتصادي التاريخي. و قد حفزه ذلك الواقع على متابعة النمو الاقتصادي بالهند فظل يتابعه لمدة عامين متوقعا حدوث كارثة إنسانية هناك بسبب المعطيات انفة الذكر، غير أنه تفاجأ بأن النمو الاقتصادي بالهند ظل، خلافا لتوقعاته، اخذا في الازدهار و التطور بوتيرة متسارعة و متصاعدة و ذلك على نحو ادهشه و أقتنع معه بأن ثمة معالجات اقتصادية من نوع ما جرت بذلك البلد و قادت إلى لجم التدهور الاقتصادي الجامح المتوقع. و قد دفعه ذلك لزيارة الهند و الوقوف عن قرب على واقعها الاقتصادي عبر زيارة كل الدوائر الاقتصادية هناك و استفسارها عما جرى خلال السنتين المنصرمتين.
و قد ذكر للقائمين على امر الاقتصاد هناك أنه حكم على سكان الهند بالفناء وفقا لمعطيات واقعها الموسوم بالمفارقة الصارخة المتمثلة في الانفجار السكاني مع ضمور الموارد،
فكان ردهم عليه انهم أدركوا هذه الحقيقة الصادمة و قبلوا التحدي ثم قامت الجهات المختصة بالبلاد باعداد استراتيجية إعلامية هادفة الى استنهاض همم كل سكان الهند بغية إرسال رسالة جادة اليهم تتمثل في أنهم في خطر حقيقي يحتم على الجميع العمل ثم العمل ثم العمل من أجل وفرة الإنتاج أو الفناء.
ثم مضوا في قولهم له أن محصلة تلك الدعوة كانت إنتاج جد وفير وفائض فاق كل التوقعات كانت نتيجته عبور الهند لذلك المأزق و من ثم التمهيد لارتياد آفاق تنموية ارحب.
غني عن القول أن هذا الاختراق هو الذي جعل اقتصاد الهند التي ليس ثمة مقارنة البتة من ناحية عدد السكان بينها و بين السودان ، جعل اقتصادها من اقتصاديات العالم التي يشار إليها بالبنان.
و تبعا لذلك صارت الهند منذ فترة ليست بالقصيرة دولة صناعية تقوم بتصنيع الكثير من الصناعات كما تعتبر في صدارة الدول المصدرة للعديد من السلع.
و بعد .. أين بلادنا من كل هذا،؟!!!