“السودان ليس إرهابياً، بل نحن ضحايا إرهاب النظام الذي كان”.. كان هذا لسان حال رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن، ولسان حال الشعب السوداني، الذي دفع ومازال يدفع فواتير باهظة لجرائم النظام السابق.
ورغم التقدم على صعيد تبادل السفراء لأول مرة بين البلدين منذ 23 عاما، إلا أن بقاء السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب مازال يحاصره ويضيق الخناق عليه، وتتهم واشنطن السودان بالضلوع في تفجيري السفارتين الأمريكيتين في دار السلام ونيروبي، وفي تفجير المدمرة الأمريكية ” كول” في ميناء عدن عام 2000، وتطالب أسر ضحايا هذه الهجمات بتعويضات. وتدرج واشنطن الخرطوم ضمن قائمتها للإرهاب منذ 1993 بتهمة التعاون مع جماعات متطرفة، على رأسها القاعدة التي عاش زعيمها السابق أسامة بن لادن في السودان بين عامي 1992و1996.
قال حمدوك: لم نتفق على مبلغ التعويضات حتى ندفعه، نحن نتناقش حول الرقم الذي بدأ بـ11 مليار دولار، وانخفض، ونسعى لخفضه أكثر حتى يكون مبلغا معقولا.
ويبدو أن الشعب السوداني يعاقب مرتين، الأولى عندما انتهكت حقوقه ونهبت موارده، والثانية أن يقتطع من قوت يومه لدفع تعويضات جرائم نظام ظلمه مرارا.
ويبدو أن إخراج السودان من هذا النفق المظلم الذي أدخله فيه نظام “الجبهة الإسلامية” هو عملية قانونية تستغرق وقتا طويلا وإجراءات معقدة، توجب على الحكومة الانتقالية تعقب الأموال المنهوبة، وتصفية تركة النظام البائد، كما يظل على الدول العربية مسئولية دعم السودان، وعلى واشنطن ألا تتمادى في عقاب الشعب السوداني، الذى يعد نموذجا فريدا في تسامحه وتعايشه، وأصبحت ثورته السلمية المتحضرة مضرب الأمثال.