…من نعم الثورة السودانية المجيدة ، تبيين أهمية قطاع مهم في السودان ضمن المدرج السكاني والديموغرافي و إظهار وجودهم و قوتهم الكبيرة ، هؤلاء هم الشباب فعبر هذه الثورة السودانية المجيدة ، ثبت للسودانيين والعالم ، أن شباب السودان ليسوا بذك السوء الذي دبَّجه بهم إعلام الديكتاتورية التي سادت ظلماً ثم بادت.
الثورة في معناها العام :التغيير( رأينا هذا المعنى في المقال السابق المعنون ب : الثورة أصل في النفس والمجتمع) ، وليس دائماً ينحبس هذا المفهوم في زنزانة التغيير الخَشن والعنيف ، رغم أصالة هذا المعنى ضمن أركان مفاهيم الثورة المؤسِسة للتغيير ، لكن زحزحة المفاهيم والمألوفات التي أضحت ضمن البديهيات ، هذا المعنى ركن ثابت ضمن أحجار أركان الثورة في معنى التغيير ، عليه فإن ثورة هذا الشباب السوداني العظيم ، زحزحت هذه الكتل الصخرية الصلدة التي ثبتت في عقول الناس بفعل التغبيش ومصادرة الوعي ، والتجهيل الشعبوي الممنهج والتضليل من قِبل الإمبراطورية الإعلامية المسَيطَر عليها من الديكتاتورية البائدة ، هذه الثورة التي زلزلت عرش الديكتاتورية الكيزانية ، أيضاً زلزلت عرش الديكتاتورية المفاهيمية التي صنعتها الآلة الإعلامية ذاتها والمنهج الإقصائي الديكتاتوري للإمبراطورية الكيزانية ضحلة الذكر.
من ذلك..والآن ، أدرَك الجميع والعالم ، أن الشبابَ السودانيَ قد كان مُحارَب بأعتى أساليب الحروب ، ومن ثَم ثبت الآن في العقول أن الشباب السوداني إنما هو شباب قائدٌ ورائد ، ينهض على وعي كبير وثقافة ناهضة وبنية عقلية مدركة وهميمة ، كل ذلك كان له وجوده لكن حُكم عليه بالإنزواء ورُدم بتراب الظلم المتعمَد بينما الثورة قادت التغيير فازاحت هذا الغطاء…
..الآن لدينا الشباب الواعِ الذي يفهم ولو بالحد الأدنى راهن السودان ويقرأ صفحات الواقع لايعني هذا أن رؤيته تصيب أو تخطئ ، هذا له تداخلات أخرى لها مجالاتها…
لكن الذي ثبت الآن لدى الشباب وكل المجتمع ثورة تجرف الظلم…الذي يظهر منه في الخدمات وقضايا التعبير وصناعة الكينونة ، وذلك الظلم الخفي المغلف في المفاهيم ومصادرة الحق الأدبي والتمثيل الفئوي سواءً كان جمعيا أو على مستوى الذات ، شباب بهذا الوعي والإدراك الكبير ، فبعد أن زلزلوا عرش أعتى الديكتاتوريات التي سلبتهم أبسط مقومات الحياة وكتمت أنفاسهم وضيقت عليهم في الداخل فتشردوا وهاجر كثيرهم وأذيقوا البأس الشديد ، شباب بعظيم عزمهم وكبير إصرارهم يتحررون من قيود حكومة فاسدة قبضت بلادهم لثلاث عقود عجاف ، فإنهم قادرون على سبك أقوى أنواع الحماية لثورتهم وبلدهم المتربع في قلوبهم حباً ووطنية .