في آخر انتخابات ديمقراطية أحرزت الجبهة القومية الإسلامية بزعامة الترابي المرتبة الثالثة بعد حزب الأمة و الحزب الاتحادي الديمقراطي ، كان بامكان جبهة الكيزان ان تواصل العمل من خلال الشعب و تحافظ مع بقية الأحزاب السياسية على الديمقراطية و تحرز تقدما أكثر في كسب أصوات الناخبين ، و لكنها لم تكن تكترث للديمقراطية و لا للناخبين ، بل كانت مشغولة بهوس ديني مرضي .
الجبهة الإسلامية كانت شريكة لحزب الامة في ثاني اخر حكومة ائتلافية في الديمقراطية الثالثة قبل انقلاب الانقاذ ، و لكنها خرجت من تلك الحكومة استنكارا للاتفاق مع جون قرنق واصفة ذلك الاتفاق بانه اهانة للإسلام و الدين !! خرج الكيزان من حكومة الصادق المهدي لأنها اتفقت مع جون قرنق الكافر في نظرهم و الذي لا يستحق سوي القتل و السحل !!
حاولت الجبهة الإسلامية ان تخدع الشعب السوداني بشعارات الدين و الدعوة لله و الإسلام هو الحل ، و لكن اتضح لاحقا انها لم تكن تهتم لا بالإسلام و لا بالله ، و إنما كانت تهتم فقط بنفسها و ملذاتها الدنيوية إذ لم يمض وقت طويل على انسحابها من الحكومة الائتلافية حتى قامت بتنفيذ انقلاب الانقاذ و أطاحت بالنظام الديمقراطي الذي جاء عبر انتخابات حرة و نزيهة و مكنت لنفسها و تطاول قادتها في البنيان و كنزوا الذهب و الفضة و سرقوا المال العام نهارا جهارا . ثم ما لبست خلال حكمها الانقاذي أن فاوضت ذات جون قرنق بل و وقعت معه اتفاقية سلام و جاءت به للعاصمة الخرطوم و فتحت له أبواب القصر الرئاسي و عينته نائبا اولا لرئيس الجمهورية !! فهل هناك جماعة كاذبة مداهنة كهذه الجماعة ؟!
لذلك فالاسلاميين مجرد مهووسين كاذبين لا يهمهم السودان و لا تهمهم الديمقراطية و و لا يهمهم الإسلام ، يكذبون كما يتنفسون و لا يتورعون عن الإتيان بكل منكر في الأخلاق و الدين و الانسانية بادعاء أن ذلك من أجل الإسلام، حتى إذا حاصرتهم الأدلة الشرعية قالوا هذا فقه الضرورة ، يدخلون كل حرام بين و منكر مغلظ في فقه الضرورات تبيح المحظورات لا لشيء إلا ليرضوا ذواتهم المتضخمة بالتدين الهوسي الذي لا يشبهه الا التدين الكنسي في العصور الوسطى حين ادعت الكنيسة انها تتحدث باسم الله و ان من يخالفها لا يخالف الكنيسة و إنما يخالف الله تعالى مباشرة و تحت هذا الحق المقدس قتلت الكنيسة ما قتلت و ارتكبت من الفظائع ما ارتكبت ، و هو ما فعله الإسلاميون بالشعب السوداني .
لذلك الحديث عن مصالحة مع الإسلاميين يبدو غير منطقيا في ظل إصرار الإسلاميين حتى هذه اللحظة عن مجرد تقديم الاعتذار للشعب السوداني عن انقلابهم على الديمقراطية ؟ فكيف بالله نتصالح مع هؤلاء ؟ كيف نتصالح من أجل الديمقراطية مع تنظيم لا يملك الجرأة على الاعتذار عن الانقلاب عليها ؟!!
على الإسلاميين ان يتحللوا من تاريخهم النتن و ان يكفروا عن ذلك بالاعتذار العلني للشعب السوداني عن الانقلاب على الديمقراطية و عن كل فظائع نظام الانقاذ ، ثم بعد ذلك يمكن الحديث عن مصالحة سياسية، فالمصالحات لا تتم مع المجرمين غير التائبين و لا مع القتلة غير المعترفين بذنبهم و أنما مع المعتذرين التائبين الذين يقدمون بين يدي الشعب كل الفروض و النوافل المطلوبة ليرضى عنهم و يصفح عنهم و يسمح لهم بالعودة مجددا للحياة السياسية ، أما غير ذلك فإن الاسلوب الوحيد للتعامل مع الإسلاميين هو البل و لا شيء سواه .
sondy25@gmail.com