لماذا يصر بعض الذين بلغوا سن الهرم على زج أغنية الحقيبة في دهاليز المقارنة الفنيه التي تجعلها في عراك غير متكافيء مع المد الحديث للأغنية التي سادت بعدها ، فهم يشجعنوها و يدافعون عنها دفاع المستميت في عصبية تشبه إلى حد بعيد ما يفعلة الرياضيون المصابون بهوس كرة القدم … و في دفاعهم هذا يأخذهم عدم الموضوعية و الإرتكازعلى مسلمات العلم الموسيقي إلى مغبة أن يقللوا من شان و أهمية أغنية الحقيبة و هم لا يعلمون ، بل ولا يشعرون .. فما العيب أن نؤمن بقانون الطبيعة و أن الكون لا ثبات له على حال و أن الإنسان دائماً يتطور و التطوير إنما هو معنى مرادف لمصطلح ( تحسين ) ، نعم نحن لا ندعوإلى التنصل عن القديم ونحن دائماً نشد من أزر الموروث الثقافي و الفكري و الموسيقي لهذه الأمة و التي تعتبر الحقيبة إحدى مرتكزاته الأساسية.. و هي أي الحقيبة ليست إلا أساس تنبني علية كل برامج تطويرية للإغنية المتداوله اليوم و المسماة بالأغنية الحديثة ،
و في الحقيقة أميل شخصياً إلى تسمية الحقيبة على أنها في الأصل ليست أغنية بالمفهوم المعتاد ويمكن أن يطلق عليها (هازيج الحقيبه ) ، إذا ما أخضعت إلى التصنيف العلمي لكلمة أغنية ، فكما نعلم أن للأغنية أركان قوامها النص و اللحن و الأداء غير أن الأغنية التي لا تصاحبها آلات موسيقية خلاف الإيقاعات تصنف على أنها ( أهزوجة غنائيه ) ، ثم بعد أن أدخل رواد فن الحقيبة الآلات الموسيقية كالكمان والعود صارت أغنية الحقيبة في مضمار ما يمكن أن يُنقد من غناء على مستواه الحديث ، وهكذا يا هؤلاء كل شيئ يجب أن يتبع طبيعة الكون و الإنسان المتعلقة بالتطور و التحسين ، ففي النقد العلمي للموسيقى الحديثة التي تدرس اليوم في الجامعات و المعاهد العليا ما يفيد أن اللحن الدائري المتكرر الذي يميز أغاني الحقيبة إنما هو عيب فني و إبداعي …
و لا أعتقد أن مناهضة مثل هكذا دراسات فيه شيء من الحكمه و الحنكة .. فليس بالضرورة أن نقدس موروثنا بحيث لا نرى عيوبه فنقر بها و ليس بالضرورة أن يكون إندفاعك المتعلق بعمرك و ذكرياتك و ميولك الشخصية سبباً في ان تتهم كل حديث تجاوز الحقيبة بالغوغائية و السطحية و الضحالة .، إن فعلت هذا فأعلم أنك تسبح ضد التيار و أنك لا محالة منهزم بعجلة الطبيعة التي لا تجعل شيئاً يثبت على حال … بعض المقدسين لأغنية الحقيبة يجمعون على أن كل كلماتها منتقاة وهادفة و متفردة في إبداعها , والحقيقة أن كثير من أغنيات الحقيبة لا تخلو من المباشرة المزعجة و الخروج عن العادات و التقاليد و القيم الإجتماعية التي تعارف عليها المجتمع لكنه في نهاية الأمر أقرها كغناء و تعامل معها أما الشعر فكثير من قصائد الحقيبة من ناحية البنية الشكلية فيها كثير من الخلل الوزني و الإيقاعي للكلمات ، كل شيئ في هذه البسيطه و إن علا قدره لايخلومن عيوب طالما كان من صنع البشر .. دعونا نحتفي بماضينا و إرثنا الثقافي دونما تعصب و نعتبره معبراً آمناً لكل ما هو مبتكر وحديث.