ارتفع نواح و عويل الكيزان حين تم استبدال اسم داخلية علي عبدالفتاح باسم داخلية الشهيد عبدالسلام كشة ، لطم الإسلاميون الخدود و شقوا الجيوب و ثارت ثائرتهم في الاسافير بصورة تدعو للشفقة و الاستغراب ، و الاستغراب ناتج من ان هذه الخطوة طبيعية جدا و تتماشى مع الثورة على نظام البشير ، فهذه الثورة غيرت نظامهم بالكامل ، فهل يغلبها تغيير اسم داخلية !!!
لم يكن علي عبدالفتاح يقاتل مستعمرا و لا دولة غازية ، و إنما كان يقاتل مواطنين سودانيين لهم قضية و يبحثون عن الإنصاف ، كما أن علي عبدالفتاح و صحبه لم يقاتلوا حركة جون قرنق فقط بل قاتلوا جيوش التجمع الوطني الديمقراطي و هي تضم جيوش حزب الامة و الأنصار و جيوش الاتحاديين الختمية و جيوش البجا و التحالف السوداني فهل قتال كل هؤلاء كان قتالا من أجل الشهادة !!!
على عبدالفتاح قتل من أجل تمكين نظام الانقاذ لا من أجل الوحدة و لا من أجل الدين ، و الدليل أن جنوب السودان نفسه انفصل في عهد دولة الكيزان ، اما الدين فقد ألصقت به من قبل الكيزان كل ادران الفساد و الظلم و القهر ، حتى أصبح السودان في نظر العالم دولة إرهابية.
جون قرن الذي قاتله علي عبدالفتاح ظلت القوات المسلحة السودانية تقاتله منذ السبعينيات و قاتلته كذلك دولة الديمقراطية الثالثة و لم يقل أحدا أن هذه حربا دينية أو حربا مقدسة ، بل هي حرب بين أطراف وطنية مختلفة في الرؤى، الطرفان هم أبناء الوطن الواحد ، و كل قتيل من الطرفين هو في الأصل خسارة للوطن أجمع لا فرق بينهما أمام الشعب ، و لذلك ظلت قضية البحث عن السلام و إيقاف الحرب هي قضية السودان المركزية طيلة العهود و الأنظمة.
حين جاء نظام الانقاذ غير النظرة الصحيحة لحرب الجنوب من حرب بين أبناء الوطن الواحد إلى حرب بين المسلمين و الكفار ، و من حرب لاختلاف الرؤي إلى حرب لاختلاف الأديان ، و جندت الانقاذ إعلامها و فتحت المعسكرات و خدعت الشباب بالجنة و الحور العين و الملائكة التي تقاتل معها في احراش الجنوب ، و ساقت البسطاء أمثال علي عبدالفتاح إلى حتفهم ، و رقص من بعدهم البشير على الجماجم و الاشلاء و أثرى من بعدهم الكيزان و بنوا القصور و تزوجوا مثنى و ثلاث و رباع .
الدكتور الترابي عراب الانقاذ سئل بعد المفاصلة عن قتلى الحركة الإسلامية في الجنوب و هل هم شهداء فقال قولته المشهورة: بعض الحكام الطغاة عبر التاريخ يسلطون الناس للجهاد و ذلك لابعاد الفعالين الذين يسببون القلاقل و المظاهرات و يفوجونهم للحرب للقضاء عليهم و تسميتهم شهداء او للقضاء بهم على أعداء الحكام . و في إعتراف الترابي إشارة واضحة إلى أن عملية استقطاب الشباب و الطلاب و تفويجهم للحرب في عهد الانقاذ كان مجرد تكتيك لإبعاد الشباب و الطلاب عن إثارة المشاكل و القيام بالثورة على النظام الحاكم .
تكتيكا و خداعا ايضا تمت تسمية هذه الداخلية باسم علي عبدالفتاح و تمت تسمية داخليات أخرى و مدارس بأسماء قتلى الحركة الإسلامية ابان نظام البشير ، فقد كانت الحكومة بيدهم ، و بيدهم الأمر و القدرة على تغيير الأسماء و إطلاق الأوصاف ، فوصفوا على عبدالفتاح بالشهيد و وصفوا قتلى جيش الامة للتحرير و قتلى جيش الفتح للاتحاديين و قتلى الحركة الشعبية بالعملاء و الخونة !!!
الاسلاميون عليهم ان يعلموا ان دولة علي عبدالفتاح قد سقطت و سيسقط معها اسمه من تلك الداخلية ، و ليعلموا ان هذا السقوط كان بأمر الشعب جميعا حين ثار عليهم في هبة لم ير لها التاريخ السوداني مثيلا ، بعد ان عاني من ويلات نظامهم الباطش الفاسد .
سقطت دولة الاسلاميين و دولة علي عبدالفتاح بعد ان أبادت شعب دارفور و ألحقت الفظائع بشعب جبال النوبة و شعب النيل الأزرق و شعب المناصير و السدود ، سقطت دولة علي عبدالفتاح بعد أن أسقطت في نظر العالم سماحة السودانيين و عدالة شعب السودان و حكامه ، سقطت دولة علي عبدالفتاح بعد ان أصبحت بلادنا عاجزة و فقيرة .
سقطت دولة علي عبدالفتاح و لن تقوم لها قائمة بعد اليوم ، و جاءت دولة الشهيد عبدالعظيم و الشهيد مطر و الشهيد ماكور و صحبهم ، دولة الحرية و العدالة و السلام ، فلينقطنا الإسلاميون بسكاتهم و ليرعووا فإن ما فعلوه بهذا الشعب لم يصيبهم منه حتى الآن و لا معشار معشاره .
Sondy25@gmail.com