قال الإمام الشافعي:-
وجدت سكوتي متجرا فلزمته
إذا لم أجد ربحا فلست بخاسر
ما الصمت إلا في الرجال متاجر
وتاجره يعلو على كل تاجر.
كما قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
ما ندمت على صمتي مرة
ولكني ندمت على الكلام مرارا.
كما قيل :- الصمت هو الصديق الذي لا يخون ابدا
ان ضاق عليك القول فالصمت أوسع.
أحبتي القراء الأعزاء..
الصمت هو لغة العظماء، وهو شعور فريد لا يتقنه كل الناسP لأنه أصعب من علم الكلام . عندما يعجز اللسان عن الكلام، وتع[ز الجوارح عن التعبير، فالصمت هو المعبر الوحيد عما يجيش بالخواطر، فهو رسالة إنصات للوجود، وكثير منا يحتاج إلى الصمت لغسيل غبار الكلام.
أحبتي الكرام..
قد لا نختلف بأن الصمت هو الطريقة المثلى لمراجعة الأفكار وتقييمها قبل البوح بها، وطول هذه الفترة يجعلنا غير نادمين على ما بعدها، وهي البوح بما فكرنا فيه.
فالعبرة ليس بالبوح بل ما بعد البوح، فلنعطي للصمت مساحته ليكتسي بوحنا بعمق الطرح، ووقع التأثير في نفس الآخر.
كما أن الصمت أحبتي؛ ليس بالضرورة أن المقصود به عدم التعبير، ففي كثير من الأحيان يكون الصمت التعبير بحد ذاته… كما قال الشاعر نزار قباني:-
فإذا وقفت أمام حسنك صامت
فالصمت في حرم الجمال جمال.
وليس بالضرورة أن يكون الصمت ضعفاً، بل قوة في أوجها، وما أجمل أن يكون صمتنا تعبيراً بقمة القوة والحكمة. والصمت لا يعني القبول دائماً، أحياناً يعني قد تعبنا من التفسير.. فلنجعل صمتنا علاجاً وحلاً لمشكلات مستعصية لا نود نقاشها والخوض فيها مع أناس كنا نعدّهم أقرب الناس إلينا فخذولنا بغير غرة. فالطيبون عندما يتألمون يصمتون.
كما أن الصمت أعزائي لغة عالمية في عالم المحبين والعشاق، هم وحدهم من يستطيعون فك شفراته، ليكونوا الأقدر على اقتحام جدار الصمت وسبر أغواره…. فصمت محبك عزيزي هو أجمل كلام اجتهد لفك شفراته.
علمني الصمت، بأنه افضل وسيلة لتجنب الندم على ما تسقطه من قول، وأنه الطريقة الأنجع في تحويل كل قرصة إلى فرصة، وأنه غالباً ما يكون ذلك الرداء الذي يتدثر به الحكماء من حولنا… فلنكن منهم وتذكروا بأن الصمت يكسونا هيبةً وجلالاً..
أصدقائي الاجلاء لا نطيل الصمت على من نحب قد يتحول إلى عنف عاطفي إذا أطلنا الصمت، وجعلنا من نحبهم ينتظرون لتنطفئ لهفة الانتظار، وشغف الترقب بطول الصمت. فهو سلاح ذو حدين فلنحسن استخدامه بحكمة. ولنتذكر بأن الأشياء التي تزيد عن حدها قد تنقلب ضدها..
كما قال فاروق جويدة. وكلانا في الصمت سجين
لن أقبل صمتك بعد اليوم
ولن أقبل صمتي
عمري قد ضاع على قدميك.. أتأمل فيك واسمع منك
ولا تنطق
اطلالي تصرخ بين يديك
حرك شفتيك
انطق كي انطق
اصرخ كي أصرخ
مازال لساني مصلوبا بين الكلمات
وصخورا تحكي ما قد فات
أنا مسجون في صمتك
اطلال العمر على وجهي
ونفس الاطلال على وجهك.
الكون تشكل من زمن
في الدنيا موتى او
أحياء
لكنك شيئ أجهله
لا حي أنت… ولا ميت
وكلانا في الصمت سواء.
أحبتي القراء الأعزاء بهذا قد أجبت عن سؤال أختي قارئة التحرير: لماذا الصمت يا أختاه؟ افتقدناك كثيراً،وانتظرناكِ طويلاً، فأقول لها ولكم صمتي لم يكن صمتاً أعيشه، بل اقرأ التحرير وأتابعها لأني أعشقها، ولكن أحيانا ظروف الحياة وصروفها، والعمل وطبيعته قد تفرض عليك واقعاً يجعلك نائياَ من من تحب فلكم مني العتبى حتى ترضون.
معليش د.رقية بنت الرجوب حقك وحق القراء علي.
آسيا المدني
مسقط سلطنة عمان
٢٩ ديسمبر ٢٠١٩م