هذا والله شعب يعني ما يقول.. شعب عنيد نسى مأكله ومشربه، وحاجته الماسة إلى تحسين مستوى حياته،.. ورهن نجاح ثورته في القصاص من دم الشهداء..متمثلاً في العدالة الركن الثالث من أركان الثورة.
الدم قصاد الدم ما بنقبل الدية، الدم قصاد الدم لو حتى مدنية… هتافات تسطر حقيقة الوفاء كقيمة راسخة عند شعب شجاع ووفي… لا ينسى شهداءه.
اليوم كشرت العدالة عن أنيابها، وامتشقت في زهو وكبرياء سيفها، واستفاق كل ظالم يجتر معه كل ما خطته يداه في دفتر الظلم. فالثورة تخرج من غمدها ولأول مرة سيف عدالتها، كأولى أسلحتها السلمية في مواجهة بغي وظلم طال أمده في البلاد.
كان زمان الظالم سخياً رخياً معه، مقفراً مجدباّ مع شعب صبور وطيب. أنساهم ذلك الرخاء الكاذب خالقهم، فأنساهم الله أنفسهم حتى وقعت الواقعة…
اقرأ يا ظالم كتابك، فكفى بنفسك اليوم عليك حسيباً. استفاق كوزو الجهل النشط صباح اليوم مع انبلاج شمس الحرية فزعا وقد اقتربت الساعة وانشق «قمر الانقاذ»….وقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر….عبثا يظن القاتل في دولة الظلم أنه سيكون بمنأى عن العدالة…
وبينما صوت الشهيد يجلجل في الأرجاء يطارد القتلة أينما حلوا:
إذا جار الأمير وحاشيته
وقاضي الأرض
أسرف في القضاء
فويل ثم ويل
لقاضي الأرض
من قاضي السماء
بينما ذاك الصوت الطاهر يملأ الفضاء بطهره، يتوارى عن الأنظار كل سدنة الظالم وعهد الظلام، فهل تحس لهم اليوم من أثر؟!
… حتى الدجاج الإلكتروني اختفى، ولا أثر له يوم الحساب ..إنه يوم رجم الشياطين..!!
هذا هو القصاص يا دعاة الشريعة التي هي حياة للناس..(ولكم في القصاص حياة يا أولي الالباب)… صدق الله العظيم…
عندما تتنزل الشريعة واقعاً معاشاً يستظل به الناس عدلاً ينصر القوي على الضعيف، والمظلوم على الظالم،… يختفي أصحاب الشعارات ويتوارى المتاجرون بالدين.. لقد عاشوا سنينا طويلة يعتاشون ويقتاتون على أهداب الشريعة.
اما اليوم.. لاحظوا منابر السوشل ميديا فإن «التجار» يختفون تماما من الساحة.. وهتافات الشعب المظلوم التواق للعدالة تشق السماء تطاردهم في كل مكان… شارع شارع، حارة حارة، زنقة زنقة.
كل كوز يعرف أي جرم ارتكبه بحق الدين والوطن. أقل ما يحمله الواحد من سدنة الإنقاذ أطناناً من الأوزار بحق الله والوطن تتمثل في نصرة الظالم …هذا إذا لم يك مكبلا بسلاسل من النفاق تجره إلى قاع جهنم.
يرتجف كل مذنب من عدالة حتما ستطاله، حتى وإن بدا غير مبال بما يحدث حوله، فكل منهم يعلم علم اليقين اي جرم ارتكبه… سلبا أو نهبا أو تعذيبا وقتلا أو حرمانا لمواطن حقا من حقوقه..
اليوم كل الشعب السوداني فرح إلا الظالمون رجالات العهد الكئيب والمقيت في تاريخ السودان، وحدهم اليوم على وجوهم غبرة ترهقها قترة..
أما وقد امتشقت الثورة سيف العدالة.. وأنشدت الشوارع لحن البسالة، فلا مكان بعد اليوم لقاتل او ظالم بلا حساب…ومن المفارقة أن يصدر حكم الإعدام بحق 28 فردا أو ثلاثون بعدد شهداء رمضان تقريباً وفي نفس يوم اغتيال الشهيد أحمد الخير… فهل يعي كيزان السودان هذا الدرس الإلهي؟؟… هذا فضلاً عن معنى عميق يتمثل في أن مواطناً سودانياً حراً يساوي 30 من تلك النفوس المؤدلجة بكراهية الوطن ومواطنه..
والله من وراء القصد
محمود عابدين