هل يرى شُهداؤنا في ديسمبر المجيدة الآن ذلك الوهج البرَّاق الذي عمَّ سماء الوطن بعد سِموْ أرواحهم فداءاً لكرامته وهو يسطع بضياء العدل والمساواة وإحترام كرامة الإنسان ؟ ، بالتأكيد هم يرون ويتابعون من خلف الأُفق السرمدي نتاج غرسهم ونضالهم ومُثابرتهم وتضحياتهم الغالية ، بالأمس محكمة العدالة الناجزة في عهد قداسة القيَّم والأخلاق النبيلة تحكم بإدانة قتلة الشهيد المعلم أحمد الخير ذاك الرجل السامق بإمتهانه التعليم والتربية وهو أيضاً يمثِّل ثُلةً أخرى من شهداء الثورة المجيدة ينتظرون دورهم في القصاص من قتلتهم ، ليكون هو أول من سار في دربهم وحقَّقت له عداله السماء ما كان يتمناهُ في قاتليه الذين تجرَّدوا من روح الإنسانية في لحظةٍ أغوتهم فيها نشوة القوة والسلطة والتكبُّر ، الآن روح الشهيد أحمد الخير حرةً طليقة تغادر سجن الظلم والغبن والشعور بالضعف وقلة الحيلة ، لأنها الآن تستمد قوتها من سيادة أمر العدالة وإتساع رقعة الحق والحقيقة ومتانة حبل النزاهة والإنصاف.
القصاص والإعدام في حق من أشارت إليهم المحكمة بالتورط والضلوع في تنفيذ الجُرم المشين ضد كرامة وإنسانية الإنسان السوداني مُمثلاً في الشهيد أحمد الخير ، هو أبرز علامات الإنتقال بخطىً ثابتة نحو سودانٍ جديد ، ففي عهد الظلم والجور المقيت الذي باد بإرادة الجماهير الباسلة طالما هدَّدوا الشعب بإنفراط أمر الأمن في السودان ضاربين الأمثال بما حدث في ليبيا والعراق وسوريا ، معتقدين أن ذلك التحذير سيقف حائلاً دون سقوطهم وحرمانهم من ملذات و(عوائد) السلطة والجاه المسروق من حقوق البلاد والعباد ، متناسين أن فقدان الإنسان السوداني وحرمانه من نعمة (العدالة) والإحتكام إلى قضاءٍ عادل والحماية من المتجاوزين والمخبولين بسكرة السلطة والقوة هو في حد ذاته قمة ما يمكن أن نسميه (إنفراطاً أمنياً) واسع المجال والضرر والخطورة عند الشرفاء الذين يؤمنون أن الكرامة هي أساس الأمن ، كانوا يدعوننا للإذعان لغيِّهم بلا كرامة من أجل (إمتاعنا) بالأمن وعدم الوقوع فيما وقعت فيه بلدان الربيع العربي .
أما شارة النصر الكُبرى فتتمثَّل في كون كرامة الإنسان السوداني وصون حقه في الحياة والتعبير عن آرائه ومعتقداته على موعدٍ مع (تقييم جديد) أساسهُ العدل والمساواة والإحتكام إلى القانون وقبر وإبادة تطاول السلطات النظامية بكافة تخصصاتها ومسمياتها بأداة القوة والسلطة المُطلقة على الشرفاء من أبناء هذه البلاد الطيبة ، من الذين لا يبخلون عليها ولا على شعبها بتصدُّرهم لنقد ومعارضة وفضح الحكومات والفاسدين ، اللهم لك الحمد على جزيل نعمك وما أغدقت به على هذا الوطن وإنسانه ، فبعد التمتُّع بالحرية والكرامة ونزاهة القانون وسُموْ وقداسة حق الإنسان السوداني في الحياة والكرامة يهون كل شيء.