يغادر بعض الناس دنيانا الفانية بأجسادهم وأرواحهم لكن تبقى. سيرتهم حية وأعمالهم ملموسة تمشي بين الناس رغم الرحيل، هذا النوع من البشر هم الأحياء تاريخيًا.
دكتور سيد بشير أبو جيب رحل سريعا في وقت كان أهله ومحبوه وأحبابه في بارا والأبيض وكردفان والسودان في مسيس الحاجة الى استمرار عطائه.
كان رجلا قاوم وناهض الديكتاتورية، وصدح بكلمة الحق في زمن صعب، وصمد، ولم ينكسر عوده في زمن شهد انكسار ات لا حصر لها، فسقط من سقط في اختبار العناق مع الشعب .
الراحل العزيز ، الكبير بمواقفه، ظل شامخًا، صنديدا حتى حانت ساعة الرحيل ،السريع، الصادم ، صباح هذا اليوم الجمعة، الثالث من يناير ٢٠٢٠.
سياسيًا، كان دكتور سيد بشير ابو جيب عضوا في المكتب السياسي لحزب الأمة القومي ورئيسا لدائرة التنظيم بالحزب، نعاه أحبابه بدم القلب، كما نعته هيئة شؤون الانصار، ونعاه أهله في بارا والأبيض وكردفان و تناولوا خصاله الجميلة، بكتك القلوب والعيون ،لأن رحيلك شكل فقدا كبيرا لبارا والأبيض وكردفان، والسودان الذي يحتاج الآن، وأكثر من أي وقت مضى الى عطاء رجل حمل وطنه في حدقات العيون ،وضحى بجهده وماله ونبضه الإنساني في سبيل ان ينتزع الشعب حريته وقراره.
نحن أبناء بارا التي ترقد على أحضان السواقي ( مزارع الليمون والخضراوات ) فقدنا أخا عزيزا ومناضلا جسورًا ،كانت له صولات وجولات عندما صادر وأزال أحمد هارون والي ولاية شمال كردفان السابق (في نظام المخلوع عمر البشير) عددا من (السواقي) بقرار ظالم وديكتاتوري في العام ٢٠١٨ .
كان الراحل دكتور سيد في صدارة صفوف أبناء وبنات بارا الذين قالوا لا للقرار الظالم ، رفض القرار بقوة ، بادر وسعى وبذل جهدا كبيرا في مواجهة الظلم الذي يسرق اللون الأخضر، ويكره جمال البيئة ، ويستهين بحقوق الناس.
رحيلك يا سيد موجع لأهلك وأحبابك ومن عرفوك مناضلا من بنات وأبناء السودان.
(سواقي بارا )التي ينطلق في كل صباح باكر (صوتها) وهي تضخ المياه ، لتبدأ دورة الحياة في شرايين مزارعنا تبكيك، في توقيت يتزامن مع آذان الفجر .
(السواقي) تودعك ، تحييك ، تعانقك ، ترفع اسمك وتضعه في سجل الأبناء البررة ، ليكون عنوانًا للوفاء ،للأهل،للأرض الخضراء التي احببت .
اللهم ارحم دكتور سيد رحمة واسعة واسكنه فسيح جناتك، التعازي لأهلك، أهلنا في بارا والآبيض وكردفان وكل السودان.
(انا لله وإنا اليه راجعون)
محمد المكي أحمد – لندن