بالفعل.. فان الفيديوهات التي بثتها قناة العربية قد أثبتت أن الرئيس المخلوع البشير كان كادراً مؤدلجاً في الحقيقة، وأن الذي كان يقوم به في العلن، إنما هو تمثيل بارع للدور المرسوم له بعناية. وهو ان يمثل دور الرئيس الوطني المحايد والبعيد عن الانغلاق في تنظيم سياسي محدد، وقد انطلي ذلك على عدد مقدر من البسطاء، ورفع الحرج عن بعض البلهاء من السياسيين فاندمجوا في الانقاذ بكل سذاجة وإنتهازية. وقد برع المخلوع في القيام بالدور وأبدع حتى أنه كان أحياناً يذهب إلى حد الهبل والعبط وهو يؤدي في ذلك الدور.
ولكن الفيديوهات قد أكدت أن البشير كان مؤثرا داخل التنظيم (تنظيم الحركة الإسلامية) أكثر من شخصيته العامة المعلومة لعامة الشعب والتي غلبت عليها البساطة والسذاجة والتلقائية. وظل يقوم بذلك الدور المؤثر والمركزي داخل بالتنظيم، ليس لكونه الرئيس فقط، وإنما لامتلاكه لقوة وثبات في القول، وقدرة واضحة علي التلاعب بهواجس ومخاوف قادة التنظيم من إقتلاع السلطة من بين أيديهم. وما كان للبشير أن يبقى الرجل الأول في الحكم كل هذه المدة الأطول لأي رئيس سوداني؛ ان لم يكن يمتلك قدرات كبيرة في إستخدام صفته كرئيس ووقوفه على براعة في التلاعب على كل فرص التمكن من أعضاء التنظيم، في ظل الصراعات الواسعة فيما بينهم. لعب البشير دور الكادر المؤدلج الذي لا يقل أيماناً بالفكرة أكثر من أكثر الكيزان جنوحاً وتعصباً، وظل يتفوق عليهم جميعاً في القدرة على إستخدام إمكانيات الدولة بالشكل الذي جعله الأكثر براعة وحيلة وردع حتى لمن هم حوله بالحكم وفي داخل التنظيم. ومن أهم تلك الأساليب التي مكنت البشير بالسلطة إطلاق ايدي قادة التنظيم في مال الدولة وإفساح المجال امامهم ليغرقوا في الفساد، حتى إذا هدد موقعه احد منهم!! ، رفع في وجهه يد الدولة ممثلا في القضاء غير المستقل، وأطلق عليه يد جهاز الامن التي لا تحدها حدود في الإزلال والزجر وتشويه السمعة.
وعلى أي حال فإن ما ظهر في الفيديوهات الي الان كافيٍ جداً ليضع كل قادة هذا التنظيم تحت طائلة القانون، ويثبت عليهم كل الجرائم الكفيلة بأخذهم الي المشانق..
ان الواجب الوطني الان على الحكومة الانتقالية وضعهم جميعاً وبشكل عاجل في السجون المتفرقة داخل السودان، الي أن تجري لهم المحاكمات اللازمة كلهم وبلا إستثناء.
ويستوجب ذلك ايضاً أن ترصد الآن الميزانيات الوافية والكفاية لذلك، ووضعهم في السجون تحت رقابة نوعية من قوى خاصة، وليس تحت قوي السجون المهترئة وغير المأمونة. وعلي الحكومة الانتقالية ان توفر لهم كل الالتزامات الإنسانية اللازمة بالسجن من الوجبات اللازمة من (وجبتي فول صباح ومساء او فول وعدس) والمياه الصحية النقية، ولبستين من الدمورية (عراقيين وسروالين) ومراقد من البروش او السجادات النظيفة، وزنزانات نظيفة وجيدة التهوية، وأغطية من البطاطين بالإضافة للرعاية الصحية اللازمة، خاصة بالنسبة لاصحاب الأمراض المزمنة فيهم، حتى يبقوا أحياء ولا يموتون بالجوع او البرد او المرض.
ان من حق الشعب السوداني ومن حق ذوي المقتلوين والمظلومين، ان يبقى هؤلاء الكيزان أحياء، الي ان تجري لهم المحاكمات العادلة على كل ما جنوه بحق الشعب السوداني، وحتى يقف الشعب على تفاصيل الجرائم التي أُرتكبت، ويتم الكشف الكامل والدقيق عن الشخصيات الحقيقية لقادة هذا التنظيم المجرم، وكل كوادرهم المجرمة. وحتي تنكشف حقيقتهم لكل من انخدع فيهم طيلة المدة السابقة. وتظهر حقيقتهم كمجرمين دمويين وفاسدين وضالين بعيدين عن سواء دين أهل السودان وقيمهم واعرافهم السمحة..