تحتاج (الثورات)، دوماً.. الى رأسمال انساني واخلاقي ورصيد قيمي، يصاحبها من الانطلاقة الأولى، لضبط ايقاعها، والمحافظة على مدها الروحي، وها هي (الثورة) الانموذج تؤصل للمعني (حرية.. سلام وعدالة)، بهذه الهتافية انتصرت وبمضامينها تستمد البقاء، مما يستوجب علينا المحافظة على هذا التفوق، الذي بدأ يتمثل ويتجسد في سلوك مجلس السيادة والوزراء، من خلال شواهد تزكية النفس، والترفع عن (الغِل) من المال العام .
سأل أحدهم العالم، بشرى الحاكم.. يا إمام أنا شغال ترزي، واخيط ثوباً لظالم، وأنا خائفا أكون ممن قال فيه الله سبحانه وتعالى (ولا تركنوا الى…) فرد عليه الإمام: ان من يبيع إليك الخيط، هو من ركن للذين ظلموا. أما أنت فمن (الظالمين)، يقول سبحانه وتعالى في سورة القصص (وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ )(39)
وقوله : ( واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون ) أي : طغوا وتجبروا ، وأكثروا في الأرض الفساد ، واعتقدوا أنه لا معاد ولا قيامة ، ( فصب عليهم ربك سوط عذاب . إن ربك لبالمرصاد) [ الفجر : 13 ، 14 ] -تفسير ابن كثير، ..ان فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين)..الجندي مأمور بجلد الإمام احمد بنِ جنبل،ياامام :سامحني فيقول الإمام: أنت المذنب من جلدني ،أنت لا الحاكم الظالم ومع ان الأمر له ظرفه ويحتاج الى تحقيق وتحقق، الا ان اتقاء الشبهات أفضل ،ومن يقتلون الشباب،وحلمهم بمستقبل زاهر لبلادهم ،طاعة لحاكم ظالم في الأمر نظر؟ والثورة.. ثورة (فكر) اكبر من المغالطات، وعلى المتسكعين في طرقات خربة ، العودة الى حضن وطن يسع الجميع .
في خطبة الجمعة الماضية تناول خطيب المسجد النبوي الشريف أمرًا غاية في الأهمية، يرتبط بالفساد واستحلال المال العام مشيرا الى انه من الأصول القطعية في ديننا الحنيف تحريم المكاسب الخبيثة، كسرقة المال العام، وشهدنا وسمعنا بأفواههم حديثهم عن إفسادهم، وماترتب على ذلك من مخاطر، طالت امن المجتمع، واقتصادة وتطوره وازدهاره، قال تعالى. (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ(آل عمران:161 فالأغلال هو خيانة للأمانة ، ويضيف خطيب المسجد النبوي ،على مرتكب ذلك رده الى خزينة الدولة قال صلى الله عليه وسلم “على اليد ما أخذت حتى تؤديه ” وفي غزوة خيبر في قصة غلام اصابه سهم (عاير)،فقتله ،فقال المسلمون: هنيئاً له الجنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :والذي نفسي بيده،(ان الشملة التي اخذها يوم خيبر لم تصبها (المقاسم)، لتشتعل عليه نارا).
ما سبق دلالات لأهمية الحفاظ على المال العام وتزكية النفس، وان المسآلة لفرعون وجنوده، خاصة وجنودنا البواسل والقوات النظامية، عهدناهم عبر تاريخهم الزاخر، بالبطولات والتضحيات، داخل الوطن وخارجه، الا القلة أغواهم حاكم ظالم خرج عليه الشعب، وانتصر للوطن.
والقول في تأويل قوله تعالى: وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنْصَرُونَ (41) . يقول تعالى : وجعلنا فرعون وقومه أئمة يأتمّ بهم أهل العتوّ على الله والكفر به, يدعون الناس إلى أعمال أهل النار ( وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنْصَرُونَ ) يقول جلّ ثناؤه: ويوم القيامة لا ينصرهم إذا عذّبهم الله ناصر, وقد كانوا في الدنيا يتناصرون, فاضمحلت تلك النصرة يومئذ. هدانا الله اجمعين الى ما فيه الخير والصلاح.