الأحد - 22 شوال 1446 هـ , 20 ابريل 2025 م

أوضاع إنسانية بالغة الصعوبة بالفاشر و مناشدات بدعم المطابخ الجماعية بالمدينة

سفينة بَوْح –الزبون التعيس .. !

سفينة بَوْح –الزبون التعيس .. !
هيثم الفضل

  

لم نزل نحن أهل السودان من أكثر الشعوب المتشبثة بعاداتها و تقاليدها و عموم ثقافاتها المحلية ، و ذلك في واقع الأمر شيئ إيجابي إذا ما أُخذ من زاوية الحفاظ على التاريخ و الهوية و كذلك تأصيلاً لعاطفة الإنتماء إلى الأرض و البيئة و المجتمع الكبير ، غير أن بعض تلك العادت و التقاليد و المفاهيم ، في حقيقة الأمر غير صحيحة و سلبية و مُضره ، و يكون التخلي و التبرؤ منها معولاً إيجابياً في سبيل ضمان أمان و تطور المجتمع بالقدر الذي يجعلنا مؤيدين لكل التفاعلات الرسمية و المجتمعية الداعية إلى التخلص من مثل تلك العادات ، و التي يكون بعضها مضراً بحياة الإنسان الجسدية و النفسية ، كعادة ختان الإناث أو الزواج المبكر للفتيات اللائي لم يتجاوزن مرحلة الطفوله ، و البعض الآخر من تلك العادت الضارة يكون له أثر على حركة التنمية الإجتماعية و النمو الإقتصادي للفرد و الجماعة ، و ربما إمتد أثره إلى وصم الأمة بأجمعها بصفات هي في الحقيقة ليست مطلقة في فرد فيها و لكنها مؤثرة لدي الغير خصوصاً في الخارج ، مثال ذلك أن كماً هائلاً من الإخوة الخليجيون يعتقدون إعتقاداً جازماً بأن السوداني كسول و لا يحب العمل المضني ، و لم يكن ذلك إلا بملاحظتهم لمجموعة من العادات و التقاليد التي نتوارثها ، ثم نقوم بنقلها معنا إلى خارج البلاد لتصبح نمطاً يشتهر به السوداني ، ثم يتطور ليضع الإنطباع لدى الغير من المتفحصين لسكناتنا و حركاتنا بأننا لا نكترث لفضيلة العطاء في العمل و المثابرة ، و العادات هي عمل متوارث و جماعي يأخذ شرعيته من إلتفاف الناس حوله و إقرارهم الضمني بجوازه إلى أن يصبح عُرفاً ، أقول هذا و أنا أتأمل في حال ثقافة التجارة و البيع و الشراء في أسواقنا ، عندما تدخل محلاً لبيع المواد الغذائية أو لبيع الملابس ، تجد البائع و مساعديه يجلسون القرفصاء حول طبق الطعام ، و عندما تدخل ينظرون إليك نظرة المستثقل ، مما يجعلك و أنت المشتري أو الزبون تشعر بالحرج و كأنك أتيت في الوقت غير المناسب أو تطفلت على قوم يأكلون ، و كنت قد عملت في المملكة السعودية زهاء الإثني عشر عاماً ، لا أذكر فيه البته أني دخلت محلاً أو مكتباً يقدم سلعة أو خدمة لأجد من يبيع أو من يستقبل العملاء فيه يتناول وجبه ، لم أجد ( لعادة ) الفطور أو عموم الأكل في مكان العمل شبيهاً في أيي مكان زرته خارج السودان ، بقالات و صيدليات و محال تعمل طوال اليوم في بلدان شتى و لا أدري متى يتناول القائمين عليها وجباتهم ، و للحقيقة من المؤكد أنهم يأكلون و لكن بنظام و بالتناوب و بسرعة و دون أواني و صواني و أباريق ، متى تنتهي في بلادنا عادة الأكل ( الموهط ) أثناء العمل فيما يسمى بوجبة الفطور ، و ها أنا وغيري نعاني من وجبتي الغداء و العشاء في كثير من مراكز الخدمات التجاريه و المحلات الصغيرة و الكبيرة ، نحن أناس لا نفقه في أمر التجارة شيئاً من زاوية إحترام العميل أو الزبون و إكتساب وده ليعود مرةً أخرى للشراء ، أهل حضرموت أساطين التجارة في العالم لديهم مثل يقول ( التاجر مطية الزبون ) .. ترى هل نرعوي .   

لا توجد تعليقات
حجز اسمكم المستعار سيحفظ لكم شخصيتكم الاعتبارية ويمنع الآخرين من انتحاله في التعليقات
دخول سجل اسمك المستعار
حجز اسمكم المستعار سيحفظ لكم شخصيتكم الاعتبارية ويمنع الآخرين من انتحاله في التعليقات
التعليق كزائر سجل اسمك المستعار نسيت كلمة المرور
حجز اسمكم المستعار سيحفظ لكم شخصيتكم الاعتبارية ويمنع الآخرين من انتحاله في التعليقات
التعليق كزائر سجل اسمك المستعار نسيت كلمة المرور