الديمقراطية
هي ديمقراطية الشعب. لا يوجد شيء اسمه ديمقراطية فلان أو علَّان، طالما أن الاحتكام
فيها للشعب والشعب هو صاحب السيادة، كما تقول كل الدساتير وهو أكبر مصدر للسلطات جميعها،
وهو الذي يمنحها ويحاسب عليها من خلال دورات العملية الديمقراطية.
تقومينا السياسي كسودانيين.. فيه خلل بائن
وانعدام للعلمية بالمرة. وبالضبط الآن يسود منهج حسين خوجلي في الأداء الاعلامي البئيس
الذي كان أيام الديمقراطية الثالثة، والتي اعترف فيها هو بعظمة لسانه أن أهدافه من
ذلك المنهج في تصوير رموز العهد الديمقراطي بذلك الشكل غير اللائق وغير الموضوعي كان
مقصوداً، حيث قال (كسرنا الديمقراطية)!!!
للأسف هذا المنهج يجد الان أرضية خصبة باستخدام
وسائل التواصل الاجتماعي وهذه الوسائل على الرغم من انتشارها فان انتاجها محدود.
لا توجد أي مصلحة للثورة أو الديمقراطية في
إستعداء شخصية سياسية وفكرية وإجتماعية لها وزنها الثقيل.. وهو شخصية (مهما تختلف البعض
معها) لا يستطيع أحد أن ينكر أنها من أكبر رموز الديمقراطية والنظام الديمقراطي الآن
بل هو الوجه الأبرز لها، واستعداؤه بهذا الشكل المبتذل لا يخدم غير عودة الديكتاتوريات
ورموزها.
ولعل
السبب في كل هذه الزوبعة ما يقوم المهدي الآن من زيارات لقواعده بعد غيبة طويلة بسبب
النظام الديكتاتوري السابق، وفي المقابل يقوم خصومه السياسيون بحملات متصلة ضده، وكلما
زار منطقة ما ارتفعت الانتقادات للرجل وكان الأولى بهم ان ينطلقوا في ممارسة العمل
والنشاط الديمقراطي. فهذا هو وجه الديمقراطية وهكذا تمارس الديمقراطية، ويبقى الفيصل
فيها هو الشعب في آخر المطاف.
هناك أحزاب بدأت تزور الأقاليم وتحاول تشتغل
وتجتهد وتحقق نجاحات مثل المؤتمر السوداني وهذا هو المطلوب، وآخرون جالسون في الخرطوم
ولا يمارسون الا القلق، ويصيبهم الهلع كل يوم مما حققته زيارات المهدي لجماهيره بلا
أسباب او مبررات منطقية او حقيقية.
من ناحية أخرى، لا ينبغي على أحزاب قحت ان
تتصارع على مناصب الولاة.. لان ذلك لا يليق بالثورة والقوي الثورية.. مع أن الأحزاب
أصلا تسعى للسلطة وتتصارع حولها في كل العالم، ولكن ما نحن بصدده في السودان يمثل فترة
انتقال لها ظروفها وحساسيتها. كما يجب أن يخضع الأمر لمعايير موضوعية وأن يكون التوزيع
عادلا يراعي الأوزان السياسية والاجتماعية في الولايات. فليس من المعقول أن يعطى حزب
مثل حزب البعث لم يحظ في كل تاريخه بأي تمثيل برلمان ولايات أكثر من اللازم وأكثر من
وزنه. لأن ذلك ليس في صالح الفترة الانتقالية نفسها ويسهِّل على الثورة المضادة هزه
واثارة جماهير الولاية ضده.
وهناك الحركات المسلحة التي عمدت الي تأخير
تعيين الولاة لتأخذ نصيبها أيضا، وكثير منها يعتقد ان البندقية كافية لنيل الثقة الشعبية
وهذا غير صحيح.
من جهة أخرى.. هذه الفترة انتقالية وحتى الذي
يحكم لا يعني أنه سوف يفوز فيما بعد وأصلا من يشترك الآن لا يترشح في الانتخابات القادمة
حسب نص الوثيقة الدستورية.
على صعيد آخر، فان الكثير من المراقبين يرون
ان الإمام هو المهندس الأول للنظام الانتقالي الراهن (اقصد النظام السياسي الانتقالي
وليس أمر آخر).. وهو أيضا يتمتع بمنحى قومي يتجاوز حزبه الى أفق وطني قومي أوسع، ولا
يتوفر ذلك لقيادة سياسية غيره في الوقت الراهن.. وكثيرون يقدِّرون له هذا الجانب حتى
وان اختلفوا معه.. وتبعاً لذلك تقع عليه مسئوليات كثيرة. واري أن الامام في غنى عن
الانشغال الان كثيرا بالصراع على المناصب السياسية في الوقت الحالي سواء في الولايات أو غيرها.. وعليه
أن يعمل بجد على استقرار الفترة الانتقالية.. فهذا ما يركز عليه هو ويعمل له وينجز
فيه الكثير وهو مما يحسب له..