المفكر الألماني المسلم مراد هوفمان الذي توفي أول من أمس رحمه الله؛ قابلته في مكة عام 1424هـ/2004م بمناسبة مؤتمر مكة المكرمة الذي كان ينعقد في موسم الحج.
قُدِّر لنا أن نحاور المفكر الضليع هوفمان في مقابلة صحفية (العدد 464، مجلة الرابطة)، لكن مجلسي بجواره في أثناء جلسات مؤتمر مكة خلال يومين، منحني فرصة أفضل لمناقشة فكرية أشبه بـ (الوَنَسة)، واختلست فرصة في أثناء الحج لتبادل الحديث معه. تختلف أحاديثه (بلغة إنجليزية واضحة) عن حواراته الإعلامية التي تبدو أكثر رسمية ودبلوماسية.
سألني هوفمان: قابلت في السودان مثقفين من طراز فريد وقيادات متعلمة جدًا، لماذا لم يسهم هؤلاء في تقدم بلدهم؟ فهمت السؤال على أنه سؤال استنكاري لا يلتمس إجابة، وأنا أعرف أن السيد مراد هوفمان في حالة مستمرة من (الحوار مع الذات)، ولا شك أن هذا سؤال الأزمة في عالم المسلمين اليوم!
لقد اكتفينا نحن الاثنان بتأمل السؤال الصعب؛ سؤال الأزمة… وسرعان ما انتقلنا إلى طرف آخر من أطراف الحديث.
كانت تستهويني ملاحظاته الدقيقة… بعد أن ألقى نظرة فاحصة على قاعة المؤتمر قال: أتدري كم نوع من أغطية الرأس في هذه القاعة؟ عدد هائل! منهم من يعتمر الكوفية، ومن يضع على رأسه العمامة، ومن يكتفي بطاقية، لكن الطواقي نفسها ليست بشكل واحد.
أجبته هذه المرة بقولي: هذا شيء إيجابي، إنه دليل التنوع! قال: ليت الأمر يكون كما تقول، أخشى أن يكون هذا المشهد انعكاسًا لواقع الأمة!
قلت: ليس المهم ما يضعه المسلم على رأسه، بل المهم ما يضعه داخل رأسه…