ألحقوا قبل أن يُطيح (العُـود المُشاتِـر) بالعِدَّة والعِيال !!
• هناك طُرفةٌ ظريفة، من بيئة البقارة تقول: إنَّ إمرأةً بقَّـاريةً تمتطي ظهر (تور) في ظعينةٍ سائرة، التُّور مُحمَّلٌ بالعِدَّة، والعِيال، (والخُمام، أي العفَش)، وهو يتجه بها بسرعة نحو غُصن شجرةٍ كبيرٍ، (مُشاتر)، ومُتعارض، ويسدُّ عليها الطريق..بدأت المرأة تصيح، وهي بعدُ على مسافةٍ مناسبة من الغصن، ويمكن إنقاذها: يا جماعة ألحقوا..هذا (العُود المُشاتر) سيطيح بنا، والعيال، والخُمام، والعِدَّة، فلم (يشتغل) بها أحد !!
ثم أنها كررت نداء الإستغاثة مرتين، وثلاث، وأربع، ولم (يشتغل) بها أحد !!
ثم (دَقَش) بها التُّور (العُـودَ المُشاتر)، وهو لا يُبالي، فأطاحها، وعيالَها، وعِدَّتَـها, (وخُمامَها) !! عندئذٌ تسارع إليها (المنقذون)، يريدون مساعدتها، فقالت لهم شامتةً وحانِقة : كلللللللللمتكم قبيييل، قبل (الفَنقَلة)، تَـوَّا جايين لشنو؟!!
• منذ بداية شهر يونية 1989م كانت كلُّ الأجواء بالخرطوم توحي بقُرب حدوث إنقلاب عسكري على الديموقراطية المتعثرة..لا بل، حتى قبل ذلك بأسابيع، كانت صحافة وإعلام الجبهة القومية الإسلامية قد هيأت البيئة تماماً لحدوث الإنقلاب لدرجة أن كُـتاباً كباراً مثل حسين خوجلي وغيره كادوا أن يصرِّحوا بساعة ودقيقة حدوث الإنقلاب !!
• كانت كلُّ مجالسِ الخرطوم، ومقاهيها، ومنتدياتها، حتى أحياؤها النائية (كأم بدة، وزقلونا، وبوليس دقس) تعرِفُ أن إنقلاباً وشيكاً على الأبواب، إلا حكومة الديموقراطية الثالثة لم (تشتغل) بتلك (التخرُّصات) !! وظلَّ المُشفقون، والشامتون، والحادبون، معاً، يصيحون بأعلى أصواتهم : يا جماعة ألحقوا، هناك (عُودٌ مُشاتر) يتعارض في الطريق، وسيطيح (بالمرأة) والعِدَّة، والعيال، (والخُمام) من على ظهر الثور، ولكن لم (يشتغل) بنداءات الإستغاثة أحدٌ حتى أطاح (العُود) فعلاً بالعِدَّة، وسِتَّ العِدَّة، والعِيال (وفَنقَلهم) لمدة ثلاثين سنةً متواصلة !!!
• ما أشبه تلك الأيام بهذه الأيام وإرهاصاتها !! ويا سبحان الله، (فالعُود) هو نفس العُود، والطريق هو نفس الطريق، (والتُّور) المُحمَّل بالعِيال، وأمهم، والعِدة، والخُمام هو نفس التُّور!!
وها نحنُ (نُعيِّط) بأعلى أصواتنا لحمدوك وحكومته..وطبعاً الآخرون لا يسمعون النداء، وإذا سمِعوه فلن (يشتغل) به أحد : يا جماعة الخير ألحقوا..هناك (عُودٌ مُشاتر) يسِدُّ الطريق على كلِّ القافلة الظاعنة..وإذا لم (تبِلُّوهُ) أطاح (بالأُم وعِيالِها) (وفنقَلَـهم) على قفاهم، (ودشدش) العِدة، وبعثر (الخُمام)، وأطلق العنان للثور في البرية !! ولسوف لن ينفع بعد ذلك أن تتدافعوا للمساعدة في لملمة العِدة، والعيال، وقد وقعتِ الكارثة !! هأنذا كلللللللللمتُكم، تماماً مثلما فعلت خالتنا البقارية في الظعينةِ السائرة !!
•••