الخيار الأوحد
…في البدء دعونا نتجمهر حول التعريف الصادق لحكومة الفترة الإنتقالية، ولنتفق جميعاً ، أنها حكومة إجرائية ذات حدود معروفة للجميع ، من حيث الفترة الزمنية ، مثلما هي حكومتنا الإنتقالية منذ بدأت وحتى ختامها فإن عمرها ثلاث سنوات وواحد وعشرين شهراً ، كما أنها محددة أيضاً من حيث هيكلها الإداري الذي جاء نتيجة مفاوضات شركاء التغيير الممثل في المكون العسكري وألأحزاب والأجسام الأخرى الموقعة على إعلان الحرية والتغيير ، وعبر سلسلة مفغوضات، نتج شكل الحكم الإنتقالي في السودان ، القائم الآن :مجلس السيادة بعسكره ومدنييه ومجلس الوزراء ،فهي أيضاً حكومة محددة الأهداف إذ حددت أهدافها في الوثيقة الدستورية لمايلبي غايات وأهداف الثورة المجيدة التي أطاحت بالحكم الفاسد.
..الشيء الذي نلخصه من هذه المقدمة أن الحكومة الإنتقالية هي حكومة ذات أجل محدود..وبالتالي فهي على هذا النسق حكومة إجرائية ، الشيء الذي يعني أن خارطة طريقها مهندسة على أساس هذا التحديد وفقاً للوثيقة الدستورية ، وأكبر هذه المهام هو إرساء وترسيخ وسيلة الديموقراطية كمرجعية دستورية للحكم حتى تنتهج هذا الأسلوب كل الكيانات والأحزاب السياسية داخل مؤسساتها في سبيل نسيان السودان للحكم العسكري والحكم عبر الإنقلابات والتي مهما يكن فإنها ذات إضرار بالغ بالحكم والتأسيس للحكم المدني النهضوي ،عليه فإم الحكومةوالإنتقالية إنما هي فترة حكم لوضع اللبنات الأولى في سبيل بناء السودان ليتخذ بعد ذلك السودان الخطوات المهمة والجادة بغية أن يسير ناحية التقدم والتطور والنماء حتى يستطيع هذا الشعب الذي لم يذق طعم ثوراته المهولة منذ أربعٍ وستين عاماً مقارنة بالشعوب الأخرى حتى في محيطه الإفريقي كجنوب إفريقيا مثلا ونجيريا ورواندا ، فجنوب إفريقيا التي مرت عملية اْستقلالها من المستعمر البريطاني بأربع مراحل لم تكتمل منذ ١٩١٠م إلا في ١٩٩٧م بإكتمال حدودها الجغرافية المعروفة الآن وشكلها الحالي ، بعد أن أُعلنت الجمهورية في عام ١٩٦١م ..فرغم هذا الإستقلال المتأخر عن السودان ، لكنها الآن دولة ذات سيادة وبنية تحتية مؤهلة تماماً ويكفي أنها الدولة الإفريقية التي استضافت الحدث العالمي “كأس العالم” وأبهرت العالم ببنيتها التحية وإقتصادها السياحي المستوعب لملايين الناس قادمين من دول العالم ، وتتمتع باقتصاد ناهض وتنمية وتطور في كل المجالات ،إذ يعد اقتصاد جنوب إفريقيا، أكبر اْقتصاد صناعي بالقارة الإفريقية، وتأتي في المرتبة الثالثة والثلاثين من حيث اْقتصاد التصدير في العالم، ويساهم قطاعا التعدين والتصنيع بأكبر نصيب من صادرات البلاد وتدرج الإقتصاد الجنوب إفريقي في النمو من نسبة١.٣٪ في العام ٢٠١٧ إلى ١٠٦٪ للعام ٢٠١٩ إلى المعدل المتوقع ١.٩٪ للعام الحالي ٢٠٢٠ .
لكن السؤال الكبير : أين السودان ..؟ السؤال هذا يرمي أمامك إجابته المشخصة للداء كونه يركن في الإدارة وليست شيء غيرها ، هذه هي مأساة السودان ، فإن السودان يفتقد للإدارة التي تكون بقامة هذا الوطن المعطاء الولود ،
..إذن فإن رسَّخنا في وعْينا هذه النقاط المهمة ، فسوف ندرك أن نجاح الفترة الإنتقالية هو الطلب القومي الملح ، وبتحقيقه فإن المصلحة الوطنية والوطنية داخل كل سوداني تكون قد تحققت في أعلى تجلياتها ، نجاح الفترة الإنتقالية هو نجاح للسودان وليس لحزب أو سياسيٍ يشخصن مصلحة الوطن لذاته الأنانية. عليه فإن ثبتت هذه الأهداف الوطنية في نفس كل سوداني يحب بلده ، فأننا جميعا سنحقق للوطن رفعته لأن من شأن هذا الفهم الواعي أن يركل الأهداف الحزبية الضيقة والغايات السياسية الإقصائية النافية لوجود الآخر في محيط السياسة وميدان الوطنية ، كما الذي نراه من تخندق لليمين واليسار ، كلٌ يكيل للآخر من كنانته سهام الإعدام من الوجود ، وبين هذا وذاك يقع الضرر الكبير على الشعب السوداني الصبور الجسور.
إذن خيارنا الأوحد هو الإلتفاف حول إنجاح الفترة الإنتقالية للعبور على المشاكل والكوارث والوصول للغايات.
..