السلطة لا تفسد الرجال، إنما الأغبياء، إن وضعوا في السلطة، فإنهم يفسدونها.
جورج برنارد شو
أداما بارو كان يعمل فى أمانة الله فى سوبرماركت حارس أمن يتبع لشركة سكيوريتى فى بريطانيا، عندما جعلت منه الأقدار خلفاً ليحيى جامع المثير للجدل، و أدى بارو اليمين الدستورية رئيساً لغامبيا في 19 يناير 2017م، لفترة ولاية مدتها خمس سنوات ، وكان بارو منتشياً بحلاوة الفوز بمقعد الرئاسة وقد وعد شعبه بانه سيمكث فى السلطة لثلاث سنوات فقط !! لكن يبدو أنه قد تراجع عن وعده اليوم بعد الاستمتاع بحلاوة السلطة وشهوتها التي لا تقاوم !!
غيّر بارو رأيه. مزاج كدة، وبات اليوم مصراً على قضاء فترة ولايته كاملة غير منقوصة، ضارباً بعرض الحائط مبدأ احترام كلمته كرجل دولة، ناهيك عن احترام ناخبيه الذين كان قد طمأنهم بأنه سوف يقضي “فترة انتقالية” (كلماته هو شخصياً) لمدة ثلاث سنوات فقط بدلاً عن الخمس التي يسمح بها الدستور الغامبي، وحجته أن نصوص الدستور المقدسة اولى بالانصياع لها !!
إن احترام نصوص الدستور أمر نادر الحدوث في منطقة غرب إفريقيا ، و مايجعل موضوع باروا مثيراً للشكوك أكثر من تمسكه بالدستور ، علماً بأنه ذات الدستور الذى كان يحكمه قبل سكرة السلطة !!قوله إنه يفعل ذلك احتراماً2 للدستور اثار حفيظة البعض ، لدرجة ان احد المراسلين الصحفيين علق قائلا ان روح المؤسسات الجمهورية الغامبية ستبدو وكأنها قد انحرفت. !!
ومعروف ان رييس الصدفة بارو مسلم متدين ويدعى إن إيمانه هو الذى يوجهه فى حياته وسياسته. وله زوجتان ، فاطوماتا باه وسارجو مبالو. ، ولديه أربعة أطفال ، وتوفي حبيبو بارو ، ابنه البالغ من العمر ثماني سنوات فى 15 يناير 2017 بعدما عضه كلب ، وبارو من مشجعي فريق الأرسنال ، ويبدو احيانا مرتديا قمصانا تحمل شعار فريقه المفضل في الصور المنشورة على السوشيال ميديا –
و كان اسم بارو قد برز لاول مرة ايّام هوجة الإطاحة بجامع ، ومن جمال حظه ان رئيس حزب المعارضة الرئيسي ، الحزب الديمقراطي المتحد (UDP) ، كان في السجن منذ أبريل 2016. ما دفع حزبه لتشكيل ائتلافً يضم سبعة أحزاب معارضة أخرى ، اختار بارو كمرشح له !!
ولم يكن أحد يراهن على إمكانية فوز هذا المرشح القادم من عاصمة الضباب على جامع ، الذي حكم البلاد بقبضة حديدية منذ انقلابه في عام 1994 ، والذي لم يخف سعيه للحصول على فترة ولاية خامسة.
ومع ذلك ، في 2 ديسمبر 2016 ، أعلنت اللجنة الانتخابية الغامبية بارو الفائز من الجولة الأولى في الانتخابات، وجاء فوزه مفاجئاً للجميع.
بين يناير 2017 ويناير 2020م، لم يتحقق شيء يذكر على يد بارو، ويقول غامبيون: “إن الإنجاز الكبير الوحيد هو نقضه للعهود، ووضع شعبه أمام الأمر الواقع بإعلانه انه سيكمل ولايته لمدة خمس سنوات”. واتى رد فعل الشعب في منتصف ديسمبر ومطلع يناير الجارى صادماً لبارو، حيث جرى تنظيم مظاهرات علت فيها صيحات “ثلاث سنوات جوعتنا !”. (“ثلاث سنوات ، لقد حان الوقت!” ، بلغتى الولوف والإنجليزية !!
التضخم متفش لحد بعيد والعملة الغانية لم تعد ذات قيمة، فيما توّجه حكومة بارو جزءاً أكبر من ميزانيتها للدفاع والأمن والاستخبارات والشؤون الخارجية، على حساب الصحة والتعليم والزراعة . وفي أغسطس الماضي، أشار تقرير لوزارة الخارجية الأمريكية إلى إنفاق الرئيس الغامبي من خارج الميزانية على الجيش والمخابرات، “دون إشراف أو تدقيق”. واعتاد بارو السفر الى الخارج طول الوقت ، بلا فائدة ملموسة من جهة جذب الاستثمار إلى البلاد.
لقد قضى على حلم الشباب الذىن كان يؤملون تغيير حياتهم للأفضل بعدما أطاحوا بجامع!! و قد أصيب الشباب بخيمة أمل مدوية وغادر عشرات الآلاف منهم البلاد في السنوات الثلاث الأخيرة – متاثرين بمعدل البطالة التى تصل إلى نحو40 ٪ – و منجذبين نحو السراب الأوربي كباقى شباب القارة، وغادر بعضهم على متن قوارب مؤقتة، أحدها غرق في 4 ديسمبر الماضى قبالة ساحل موريتانيا ( مات 62 منهم غرقاً وأنقذ خفر السواحل الموريتانية 192 منهم).
بارو لم يقدم شيئاً لشعبه سوى لجنة الحقوق والمصالحة التى علقت كل الشرور برقبة الرئيس المخلوع يحى جامع ، ورغم خلو سجله من اى إنجاز سيمضى بارو لإكمال مدته ، وسيفاجى شعبه برغبته بخوض انتخابات الرئاسة فى 2021 ، وإن عشنا سنراه فى 2026 منهمكاً لتعديل الدستور من أجل البقاء فى السلطة ، وقديماً قالوا في الحكم ينكشف زيف الأخلاق !!!!