ليس في الأمر عجب، ليست هى الأغنية التي تغنى بها الكابلي من ذي قبل، ولكنها الواقعة التي وجدت قراءات متعددة من جمهور السوشال ميديا جراء الفيديو الذي أظهرها من حفل دال احتفاءً بمقدم الفنان عبد الكريم الكابلي.
إذا أردنا تلخيص الامر نقول إنها ذات الفكرة التي عبر عنها محمد الامين ذات حفل بنادي الضباط، وخاطب فيها جمهوره بالقول: يا تغنوا انتو يا أغنى انا. بتصرف تعبيري مختلف جاءت هذه المرة من عركي لمحمد الأمين: يا تسلم على كابلي وتقالدوا انت، يا أغنى انا.
فكرة عركي من غناء مرسال الشوق أمام وبقرب فيزيائي من كابلي كانت وراءها فكرة أخرى تمثلت في خلق تضامن منه، وبث عاطفي مباشر أراده عركي لناظم كلمات وملحن أغنيته عبد الكريم الكابلي وهو في ذلك لمن يعرفه رجل حنين والدمع قريب جداً من عينيه.
اقتراب ووجود محمد الامين بالقرب منهما وهو في درجة من الطرب والمشاركة كان رسالة بالغة المحبة في عنوان اللحظة، وعنوان التاريخ والجمهور معاً. ولكن يبدو أن تقدير الباشكاتب للحظة احتضانه الكابلي أو لهما الإثنين كانت تعني هدماً تاماً للفكرة التي أراد عركي توصيلها، وهي ان يغني ويظل ممسكا بالكابلي دون ان يفرط فيه، أو يسمح لاحد من فض ذلك التعبير الإنساني المنفعل.
قدرت لي الظروف ان أكون على علاقة شخصية بالإثنين وأعرف ما يكنه كل منهما للآخر من حب ومودة وإخلاص.عركي ومحمد الأمين تاريخ طويل من الصداقة والإخوة والعشرة، وليس ذلك بسبب مدني أو الجزيرة كمصدر جغرافي فقط، ولكن لطريق الماضي كطريق وكأغنية لحنها محمد الامين وغناها عركي في تاريخ بعيد، ولسكن مشترك طويل جمعهما في بدايات حياتهما الفنية، ومعرفة جيدة ببعضهما بعضاً، وعلاقة لا تقبل سوء الفهم من أحدهما للآخر أبداً.
أخيراً أقول إن كيمياء اللحظة قد لا تقبل قراءة عقلانية أو أخلاقية من خارجها، وتجبرنا على التعامل معها كما كانت هي عليه، ويمكن تمثيلها بالنص الذي يستوجب القراءة من داخله، ومن ثنايا أحواله وظرفه، وهو بالتالى يقبل تفهمه، ولا يقبل محاكمته.