ما
تسعى إليه فلول النظام البائد على المدى الإستراتيجي في خطة مُناهضة تمتُّع
السودانيين بنظام سياسي حُر وديموقراطي ،
هومحاولة (تحوير) الصراع التاريخي ما بين منهجهم الشمولي في الحكم والمنهج
الديموقراطي إلى صراع بين الإسلام و(دينٌ آخر) لا يوجد في الواقع إلا في عقولهم
(المريضة) ، يطلقون عليه العديد من المُسميَّات من ضمنها العلمانية والتحرُّر
وموالاة الفسق والكُفر وغيرها من الهرطقات الأخرى ، كل تلك المُسميَّات الهدف منها (توريط) الإنسان
السوداني المُنحاز للحرية والعدالة والسلام في صراع باطني وظاهري يضعهُ في (مواجهة
حتمية) مع ميولهِ الفطرية وآماله وتطلعاته المشروعة بما يفيد (زوراً وبُهتاناً) أن
ذلك يتعارض مع الإسلام وبالتالي الحصول على علاقة صائبة ورابحة مع ربهِ سبحانهُ وتعالى
، هذه الفلسفة وإن كانت غير موثَّقة في أضابير مُخطَّطاتهم لإسقاط وإفشال الحُكم
الإنتقالي الديموقراطي وبالتالي (دهس وتبديد) آمال وطموحات الشعب السوداني ، إلا
أنها حاضرة وراسخة في منهجهم الذي لا يمكن
وصفهُ بأقل من إنتمائه للمذاهب (التكفيرية) ، لأنهم في الواقع لا يثقون ولا يأمنون
على دين الإسلام الذي هو بعيدٌ عن رؤاهم ومنهجهم إلا إذا كانت لهم اليد الطُولى في
(رعايته) عند الآخرين في عُمق الضمائر و(خارجها)
، و(الآخرين) بالطبع ووِفقاً لذاك المنطق المذكور آنفاً هم من الكفار أو في
أحسن تقديرٍ على شفا حُفرة من الكفر والضلال ، وفي ذلك ما فيه من تقليل لشأن
(رسوخ) العقيدة الإسلامية في قلب المسلم السوداني فهو بالنسبة إليهم أقل منزلةً من
(المؤلفة قلوبهم) ، حركات الإسلام السياسي على مدى تاريخها الزاخر (بالإبتعاد) عن
تنزيل (مباديء وقيِّم) الإسلام على صعيد الواقع الملموس و(رهن) تطبيق الشرع
الرباني بحسب متطلبات المصالح و(التكتيكات) المرحلية لسياسات الدولة ، لا قُدرة
لها (للتفاوض) ولا (التنافُس) في الحلبة السياسية إلا عبر مدخل (إحتكار) الدين
ونفي إيمان (الآخرين) به بل وإفتراض (عداوتهم) له ، عليه وجب علينا وسط هذا
الإستقطاب الحاد الذي إنتظم المجال الإعلامي ، أن نُذَكر الناس أن المنهج
الديموقراطي وعلمانية الدولة وإفساح المجال للأحزاب عبر آيدلوجياتها المختلفة
وكذلك الطرق والجماعات الدينية والمُنظَّمات والتجمعات السياسية والمهنية البحتة ،
لم ولن تشكِّل يوماً ما (خطراً) على عقيدتنا الإسلامية وذلك لسببين منطقيين الأول
: إنتفاء وجه المنافسة ما بين الفكر السياسي والدين من حيث المبدأ ، والثاني : أن
الدستور والقانون وهوية الدولة العقدية أمرٌ مُرتهن بما تقِّرره الأغلبية .. لا
يُغَرَّنَكُم عُلو الصراخ.