بسم الله الرحمن الرحيم
19/2/2020م
مقدمة
السودان عضو في الأمم المتحدة، ويجوز له مطالبة المنظمة الدولية أن تقدم له المساعدة في المجالات التي يراها بموجب الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة.
والنظام السوداني في العهد المباد ارتكب عدداً كبيراً من التجاوزات جعلته عرضة لقرارات مجلس الأمن الدولي تحت الفصل السابع الذي يلزم المنظمة الدولية التدخل في الشأن السوداني لأن تجاوزاته تعرض السلم والأمن الدولي لخطر.
وبموجب هذا التدخل اتخذت قرارات دولية أهمها: القرار 1593 بخصوص الجرائم المرتكبة في دارفور منذ 2003م، والقرار 1769 لعام 2007م لتكوين اليوناميد: القوة العسكرية الدولية الأفريقية لحماية المدنيين في دارفور، والقراران 1990 و2024 لعام 2011م لضمان السلم في منطقة أبيي.
تجاوزات النظام المخلوع في مجالات الجرائم كثيرة، وقد نكبت السودان بتركة ثقيلة في هذا الصدد من قرارات الإدانة تحت الفصل السابع.
طلب رئيس الوزراء السوداني قدمه بتاريخ 27 يناير وتم تسريبه لاحقاً، وخلاصته: توحيد مهام الأمم المتحدة في السودان تحت بعثة سياسية واحدة تعمل بموجب الفصل السادس، ما يعني إلغاء المهام الصادرة بموجب الفصل السابع، كالقرار 1769، ولكن الدليل على رفض هذا الطلب أن مجلس الأمن بالإجماع قرر حتى بعد إرسال خطاب رئيس الوزراء تمديد مهمة اليوناميد لعام.
إذا وافق مجلس الأمن توحيد مهامه في السودان في بعثة سياسية واحدة تحت الفصل السادس فهذه خطوة لصالح السودان.
ولكن بنص رسالة رئيس الوزراء فإن هذه البعثة إذا تقرر إنشاؤها سوف تكون شريكاً ثالثاً في إدارة الفترة الانتقالية تساهم مع الشريكين العسكري والمدني في مهام:
- دعم تنفيذ الوثيقة الدستورية.
- دعم مفاوضات السلام.
- توفير المعينات اللازمة للدمج والتسريح، ومراقبة وقف إطلاق النار وجمع الأسلحة.
- تعبئة المساعدات الدولية للسودان.
- المساعدة في الإصلاح القانوني والقضائي، وإصلاح الخدمة المدنية، وإصلاح قطاع الأمن.
- دعم توطين النازحين واللاجئين.
- المساعدة في تطبيق العدالة الانتقالية.
- حماية المدنيين.
- بناء قدرات الشرطة.
- مراقبة الإصلاح الاقتصادي على المدى البعيد حتى عام 2030م.
هذه المطالب تعني أن يكون مجلس الأمن شريكاً في إدارة الفترة الانتقالية.
مجلس الأمن مؤسسة سياسية إذا نظرت في طلبنا فسوف تحدد شروطها وتحدد وسائل تفعيل دورها كما تشاء.
من حيث المبدأ لا تناقض مع السيادة الوطنية لتدخل دولي إذا تم برضا الأغلبية، ولفترة مؤقتة تحت ضغط ضرورة ملحة. هذه الشروط لم تتوافر في حالة طلب رئيس الوزراء السوداني للأمين العام للأمم المتحدة. هذا هو مكان الخطأ. ولتداركه ينبغي أن يشترك أصحاب القرار السياسي في البلاد في مراجعة الموقف وفاء بالشروط المذكورة واستعداداً لما قد يقرره مجلس الأمن.
القاعدة الذهبية في إدارة المهام المشتركة هي الالتزام بالشفافية وتجنب الانفراد.
من حيث المبدأ نحن ندعم المؤسسات الانتقالية دعماً مبصراً. والقاعدة الذهبية الثانية هي: صديقك من صدَقَك لا من صدّقك.