في ضاحية سوبا بالعاصمة السودانية الخرطوم، على مقربة من مستشفاها التعليمي يقف (مركز أبحاث المايستوما) الذي يخدم شريحة من المجتمع تسلل لأعضائها داء قاتل تسبب ببتر أعضاء عدد كبير من المرضى، ويبحث عن أفضل طرق العلاج والمكافحة والوقاية، والزائر الى المركز للمرة الأولى يخيل اليه أنه في مرفق صحي أوروبي أو في إحدى الدول المتقدمة لروعة التصميم ودقة التنظيم وحداثة الأجهزة والمعدات الطبية المستخدمة، فضلاً عن مهنية الفريق العامل.
دلفنا الى ردهات المركز، وكان في استقبالنا
المدير العام للمركز البروفيسور أحمد حسن فحل، الذي رافقناه في جولة تعريفية عن
أقسام المركز، مع شرح تفصيلي منذ أن كان المركز فكرة الى أن أصبح واقعاً.
في البدء نود معرفة مصطلح المايستوما وماذا
يعني؟
المايستوما الاسم العلمي للنبت الفطري، أو ما يعرف بـ (النّبِت) وهو مرض التهابي مزمن تسببه أنواع كثيرة من الفطريات أوالبكتيريا، يبدأ بورم صغير، ثم يزيد حجمه، وينتشر، ويبدأ بعمل فتحات في الجسم تخرج منها حبيبات ملونة حسب المايكروب المسبب للمرض؛ مما يلزم التدخل الجراحي بعدة عمليات، ثم يؤدّي إلى بتر الرجل أو العضو المصاب، ويصيب الشباب من الرجال أكثر من النساء لطبيعة العمل في الزراعة والرعي، ويصعب تشخيصه وعلاجه، وقد يستغرق علاجه عامين أو أكثر، ولديه أضرار جانبية وآثار سالبة نفسية واقتصادية.
ما أهم طرق العدوى؟
المايستوما مرض غير معدٍ، وغالباً ما تنتقل
الفطريات أو البكتيريا الموجودة في التربة الى جسم الانسان؛ عن طريق الأدوات التى
تسبب جرحاً في مكان الإصابة، واكثرها الاشواك؛ مما يسبب العدوى بالمرض.
ما أكثر المناطق التي ينتشر فيها المرض
بالسودان؟
يُعدُّ داء المايستوم أو (النَّبت) الفطري من الامراض الشائعة في المناطق الحارة، وتم
تسجيله ضمن قائمة أمراض المناطق المدارية المهملة بمنظمة الصحة العالمية، ويُعدّ
السودان أكثر بلدان العالم تأثراً به، حيث ينتشر المرض بكثافة في ولايات الجزيرة، والنيل
الابيض، وسنار، وشمال كردفان، وشمال دارفور.
حدثنا عن مركز أبحاث وعلاج المايستوما؟
بدأ تأسيس المركز في عام 1991م بجهود رجال
عبر السنين، واستمر تأهيله حتى أصبح بوضعه الحالي، ويعد المركز الأول عالمياً، ويتبع
لجامعة الخرطوم ومستشفى سوبا الجامعي، وتدعمه منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة
الاتحادية بتأمين العلاج، ويتم دعمه خارجياً من جهات مانحة، ويقدم خدمات علاجية،
تثقيفية، اجتماعية وصحية، وهناك ما يقارب عشرة آلاف مريض مسجلين بالمركز، ويتابعون
علاجهم مجاناً، مع زيادة 350 مريض جديد سنوياً.
ماذا عن حزام المايستوما والدول التي يمر
بها؟
حزام المايستوما يشمل الدول والمناطق التي
ينتشر فيها المرض، ويمر عن طريق السودان والصومال والسنغال والمكسيك والهند بين خطي
30درجة شمال و30 درجة جنوب المدار الاستوائي.
ما أهم المعوقات التي تقف أمامكم للقضاء
على هذا المرض؟
من أهم المعوقات تأخر وصول المرضى للمراكز
العلاجية المتخصصة؛ لأن هذا الداء ليس به ألم في بداياته، وهنا تكمن الخطورة، وهذا
ما يؤدى الى تجاهله حتى يتمكّن في الجسم، كذلك لجوء اغلب المصابين الى استعمال الأدوية
البلدية والعشبية، إضافة إلى بُعد المسافات بين مكان انتشار المرض ومركز العلاج؛
علماً بأن معظم المرضى فقراء لا يملكون ثمن تذكرة المواصلات للخرطوم أحياناً،
ناهيك عن ثمن العلاج.
كما
أن القضاء على هذا الداء يتطلب توعية المرضى وتثقيفهم صحياً، وانشاء مراكز جديدة
فى مناطق السودان المختلفة، بخاصة تلك التي ينتشر بها المرض، ايضاً لا بدّ من
توفير الدعم المالى لهذا المركز؛ لأنّ أغلب مرضى المايستوما من المزارعين والرعاة
وغيرهم من الفقراء الذين هم أحوج ما يكونوا إلى الدعم.
هناك تجربة رائدة لمكافحة المرض بولاية
سنار هلا حدثتنا عنها؟
على الرغم من أن ولاية سنار لا تعدّ
الولاية الأكثر انتشاراً للمرض حيث تأتي في المرتبة الثالثة بعد ولايتي الجزيرة
والنيل الأبيض للمرض، إلاّ أن سلطات الولاية الصحية انتبهت للأمر، وتعاونت معنا،
وأشكر دور وزير الصحة السابق بالولاية د.محمد عبدالقادر المأمون على جهوده المقدرة
في مكافحة المرض، وفي عهده تم افتتاح مركز صحي شامل متخصص لعلاج المايستوما بقرية
ود أونسة، وكذلك عمل حظائر نموذجية للأبقار بقرية ود النمير بعيداً عن سكن
المواطنين، فضلاً عن حملات تثقيفية وتوعوية حافلة كان لها الأثر الطيب في مواطني
المنطقة.
ما الجهود المبذولة لتطوير علاج مرض
المايستوما؟
نعمل حالياً في المركز على أبحاث سريرية
لإيجاد علاج ناجع للمرض بالتعاون مع شركائنا من داخل وخارج السودان، كما نأمل في
افتتاح عدد من المراكز المتخصصة لعلاج المرض بالمناطق المتأثرة والأكثر انتشاراً؛
لتقليل تكلفة السفر والإقامة للمرضى.
رسالتك لمواطني المناطق الموبوءة بالمرض؟
رسالتي لهم أن أي شخص يشعر بورم صغير في
الجسم يأتي الى المركز لتشخيص حالة الورم، ومعرفته وأخذ العلاج، قبل أن يتطور المرض،
ويتمكّن من الجسم، ويؤدذي الى ما لا تحمد عقباه.
تخططون هذه الأيام لإنشاء قرية سياحية
تابعة لمركز المايستوما عرَفنا عنها؟
القرية السياحية المزمع تشييدها بالقرب من
مقر مركز أبحاث المايستوما بسوبا هي مركز تأهيل وتدريب مهني لمرضى المايستوما الذين
فقدوا مهنهم ووظائفهم بسبب العجز الناجم عن بتر القدم أو اليد، وتمليكهم صنعة
يترزقون منها بصناعة أشياء متنوعة ومختلفة وتسويقها من خلال بازارات دورية.
ونخطط لعمل جانب سياحي بالقرية لتكون جاذبة
مثل بناء مسرح ومرسم وكافتيريا وسينما ومشتل زراعي، ومن هنا نناشد الجمعيات
والمنظمات والخيرين للمساهمة في تشييد وبناء وتأسيس القرية.
الجمعية الخيرية لمرضى المايستوما ..
الكيان والنىشاط؟
تم تأسيس جمعية مرضى المايستوما من بعض
منسوبي مركز أبحاث المايستوما وبعض المرضى والمتطوعين من داخل وخارج السودان
والذين يساهمون بسخاء في شراء الأطراف الصناعية، وتم عمل اتفاقية مع مركز الأطراف
الصناعية بالخرطوم بتخفيض قيمة سعر الطرف الصناعي بنسبة تخفيض عالية لمساعدة
المرضى، وتسهيل تركيبها وعملية دمجهم في المجتمع.