من هم الخاسرون من سقوط النظام القميء المتسلط الفاسد؟
هل هم الإسلاميون؟ لا أعتقد، فالإسلاميون، أصحاب المشروع منفذو الانقلاب، أغمدوا سيوفهم، وأغمضوا عيونهم، وسدوا آذانهم بوقر، وحجبوا تأييدهم عن الإنقاذ منذ سنوات طوال. لم يتبق من هؤلاء حول (الرئيس المُختل) غير المتاجرين بالدين، الفاسدين، السارقين، المزواجين، أهل المتعة، أصحاب فتاوى التحلل، وفقه السترة، وقتل الثلث حفظًا على الثلثين.
هؤلاء كثيرون ولقد خسروا حقًا، إلا أن أصحابَ أعظم الخسارة هم؛ المتملقون، والمنافقون، والمتسلقون، والوصوليون، والانتهازيون، والطفيليون، والمرابون، والمطففون، والجشعون، والمرتشون، والمخربون، وآكلو السحت. أهم صفاتهم؛ الجشع والطمع، وسوء الأخلاق، وعدم الحياء، وموت الضمير، والتجرد من القيم والمبادئ.
إنهم ثمرة ثلاثين عامًا، من العسف والاستبداد، والقتل والتعذيب والحروب، وفشل الدولة، وفساد النظم، واحتقار الدستور، وغياب القانون، وانهيار المؤسسات وتجارة الدين، وسوء الأدب، وتدهور القيم.
متواجدون في كل مكان، مبثوثون في كل مفاصل الدولة؛ تجار عملة واسمنت ودقيق، صحفيون، وأصحاب مخابز ومصانع وورش، ومذيعون، منتجو ألبان، ودبلوماسيون، مهربو مشتقات نفطية، وشعراء، وكلاء توزيع غاز ووقود، ومغنيين، ضباط جيش وشرطة وأمن، ومقاولون، مالكو مطاعم ومخابز وبقالات، ومهندسون، موظفو خدمة مدنية، ومسرحيون، سائقو حافلات، وتشكيليون، أساتذة جامعات، وقانونيون، ومدراء مصارف، ووزراء، ومعتمدون. إنهم الفاسدون.
اتخذوا من غياب الدولة مطية تربح وتكسب، تبوءوا من الوظائف ما لا يستحقون، ونالوا من الرتب العسكرية والألقاب الأكاديمية ما لا يرتقون، سرقوا ونهبوا وزوروا وارتشوا، تطاولوا في البنيان، راكموا الأموال تهريبًا وتخريبًا وجشعًا وغشًا تجاريًا، وتطفيفًا في الأوزان والمعايير، وتدليسًا في جودة المواصفات.
هؤلاء أخطر المتربصين بالثورة وحكومتها، فهم ودفاعًا عمّا خبث وقبح من المكاسب الحرام وحمايةً لفائض سلطة ومال، غير راغبين في أي تغيير يعيد للإنسان حقوقه، وللدولة نظامها، وللقانون حاكميته، وللقضاء عدالته، ولمنفذي قانون هيبتهم، وللجيش قوميته، وللوظيفة قيمتها، وللرتب العسكرية والألقاب العلمية اعتبارها، وللبلاد أمنها وسلامها واطمئنانها وانشراح صدرها وراحة بالها.
إنهم المستفيدون من التضخم والفوضى والحروب والفتن، وشح السلع، وارتفاع الأسعار، وتدهور الخدمات، وسوء البنية الأساسية، وانهيار الخدمة المدنية، وعجز الأجهزة الأمنية والدفاعية، وفساد الأحزاب السياسية، وضعف منظمات المجتمع المدني، واشتعال البلاد بالفتن والنزاعات والحروب.
عدوهم الأول (السلام) و(الحرية) و(العدالة)، شعارات الثورة وأولوياتها، ففي وجودها يختنقون ويموتون.
لا ينتعشون إلا في البيئات الفاسدة والجمهوريات الفاشلة.
إنهم اليوم الأعلى صوتًا بالإرجاف في المجالس ووسائط التواصل الاجتماعي. والإرجاف لغةً هو؛ الإكثار من الأخبار السيئة واختلاق الأقوال الكاذبة حتى يضطرب الناس منها، واصطلاحًا فقهيًا هو الخوض في الأخبار السيئة وإشاعة الباطل تخذيلًا وتثبيطًا وتخويفًا للناس وإضرارًا بهم.
وشدّد القرآن الكريم في لعن المرجفين وأمر نبيّه (ص) بنفيهم ومقاتلتهم. فأحذروهم إنهم الأعداء.