القراءة الصحيحة لما حدث في أفغانستان منذ 2001م، والعراق منذ 2003م هي أن الغزو الأمريكي حقق عكس مقاصده تماماً، الغزو الأمريكي لأفغانستان والعراق وصفه ناطق سابق باسم الرئيس الأمريكي بوش (سكوت ماكليلان) بأنه أسوأ إخفاق إستراتيجي في تاريخ الولايات المتحدة.
هذا ما يردده الكتاب في الصحف الجادة مثل الواشنطن بوست، والنيويورك تايمز والاكنومست، والغارديان.
ومنذ إعلان الحرب على القاعدة في 2001م تمددت في شبكة لا تقل عن مائة موقع.
وداعش التي ارتكبت خطأ تكوين دولة أطيح بها، ولكن منذ تلك الإطاحة انتشرت عناصرها في شبكات في عدد كبير من البلدان: في سيناء، وبنغلاديش، والصومال، وحوران، وغرب افريقيا، والفلبين؛ ومثلما استخلف أيمن الظواهري بعد مقتل أسامة بن لادن لقيادة القاعدة، استخلف أبو إبراهيم الهاشمي لقيادة داعش.
هذه التكوينات تعبر عن فكر غاضب على حالة المسلمين، يعبر عن أيديولوجية احتجاجية منكفئة عن منطق التاريخ، وغير راضية عن مواقف ولاة الأمر في بلاد المسلمين، ويرونهم يمتثلون للهيمنة الدولية ويتناحرون فيما بينهم لحسابها.
وحيثما برزت هذه التبعية، وحيثما اشتدت مواجهات التناحر ترفدهم عوامل توسع قواعد تجنيدهم. وهنالك عوامل تكنولوجية جديدة وفرت لهم قدرات غير مسبوقة، فوسائط التواصل الاجتماعي وفرت لهم إعلاماً ووسائل اتصال لا تحد منها رقابة.
ومن الناحية العسكرية أتاحت ظاهرتا الدرون، أي الطائرات بدون طيار، والصواريخ؛ وسائل حربية قاتلة. هذا بالإضافة لسلاح الاستقتال المدمر.
لا غرو إذن أن شبكات القاعدة وداعش تنتشر باستمرار، ومهما كانت الإجراءات الأمنية ضدهم فزيادة الغضب على حال المسلمين، وظاهرة التبعية للهيمنة الدولية، والاقتتال والاستقطاب الحاد بين أطراف الأمة، والاقتتال المستمر الذي لا يرجى حسمه بل يضاعف خسائر أطرافه البشرية والمادية؛ عوامل تنتج أوسع الفرص لحركات الغلو والعنف لكي تنمو.
الانطباع السائد هو أن المسلمين يقتلون ظلماً في ميانمار والإيغور وفي الغرب وفلسطين، وأن النظام الدولي يوجه السهام القاتلة ضدهم كما في صفقة القرن التي سوف ترفع حرارة الغضب درجات.
الموقف الحالي يجعل أجندة المنطقة يضعها الغزاة والغلاة.
الخيار الوحيد أمام أمتنا أن تتجه حكاماً وشعوباً إلى أجندة خلاص سبعية فحواها:
أولاً: إبرام ميثاق تعايش سني شيعي يقضي على تراشق روافض ونواصب ويقر تعايشاً سلمياً أخوياً.
ثانياً: وقف الحروب الدائرة حالياً في المنطقة بموجب تسويات سياسية عادلة.
ثالثاً: إنهاء الاستقطاب الخليجي باتفاق تعايش وعدم التدخل في الشئون الداخلية.
رابعاً: إجراء مصالحات بين الحكام والشعوب تحقق مشاركة سياسية في المصير الوطني.
خامساً: تحقيق عقد اجتماعي جديد يحقق التنمية المجدية والعدالة الاجتماعية.
سادساً: إبرام معاهدة ثلاثية عربية، إيرانية، تركية للتعايش السلمي وعدم التدخل في الشئون الداخلية.
سابعاً: اتباع تعامل مع الآخر الدولي تقوم على المصالح المتبادلة خالية من التبعية ومن العدائية.
التخلف عن الاستجابة لهذه الأجندة سوف يخضع مصير الأمة للغزاة والغلاة، غلاة الانكفاء نحو الماضي، أو غلاة راديكاليون قفزاً نحو مستقبل لم تتضح معالمه بعد.