الزميل محمدعبد القادر، يلومني في أكثر من مرة على الرد على كتابات الزملاء الصحفيين، بحجة مراعاة حق الزمالة، ودوماً ما أرد على “أبوحباب” أنني أقدر ذلك الواجب، وأحترم كل الزملاء، لكن آراءهم ليس نصاً مقدساً، بل قابلة للأخذ والرد، كما أن السجال الصحفي له فائدته للقراء والكتاب معاً.
أعلاه مدخل للتعليق،على ما خطه قلم الأستاذ أحمد عبد الوهاب، في زاويته “فنجان الصباح” بصحيفة المجهر، تحت عنوان “أشجع رجال الإنقاذ” دافع فيها عن عضو مجلس انقلاب 89 المقدم بكري حسن صالح، والذي تدرج سياسياً حتى جلس على منصب النائب الأول، ورئيس مجلس الوزراء، وترقى عسكرياً حتى رتبة الفريق أول، وتنظيمياً، حتى وصل منصب نائب أمين عام الحركة الإسلامية.
كثير مما جاء في المقال، من مدح لبكري، أمر نسبي، حسب رؤية الكاتب، وتقديراته للأشياء، لكن استغربت جداً، أن يضع أحمد عبد الوهاب، بكري حسن صالح، ضمن أشجع الرجال في العالم، ما يدفع للاستفهام عن المفهوم الجديد للشجاعة، وهل ارتبط بالغدر وسرقة السلطة وخيانة العهود والحنث بقسم الولاء، أم هي الشجاعة بمفهومها القديم وبقيمها المعروفة، وإن كان الأمر كذلك، فإن بكري حسن صالح، آخر من يُمنح تلك الصفة، لأنه باختصار جزء من عصابة، اجتمعت في ليالي الخرطوم، مدعومة بتوجه أيديولوجي مريض، للغدر بالآخرين، وخانوا قسمهم كضباط، فسرقوا السلطة بليل بهيم، ومارسوا أسوأ أفعال الجبن وعدم المروءة، وما حدث لرفاق الخنادق، ضباط 28 رمضان ليس ببعيد، وأسأل يا عبد الوهاب، الشهود الأحياء عن الليلة السوداء في تاريخ الجيش السوداني.
كنت سأتفهم وأقبل أن يقول الزميل أحمد، إن بكري حسن صالح، الأكثر سمعاً وطاعة لأوامر البشير، لأن الثابت أن كل الطغاة في العالم لا يتحمسون لترقية الشجعان، إنما حماسهم زائد لجماعة “حاضر سعادتك”.
البشير ياعزيزي أحمد عبد الوهاب استخدم بكري كبيدق ضد كل التيارات المناوئة له، ووقع صالح على مذكرة العشرة، بالوكالة لا بالأصالة، كما أن صعوده لمنصب نائب أمين عام الحركة الإسلامية، ظل مدعاة للسخرية لأكثر من سبب..!! ومدعاة للأسى على حال الجيش، بتولي واحدٌ ممن يُعتقد أنه من قادته ورموزه، منصباً حزبياً عقائدياً في وضح النهار.
ذكر أحمد عبد الوهاب، أن شبهة فساد لم تحم حول بكري ولا أسرته، وهي عبارة في العادة ما تستخدم في سياق استثناء من ذميمة ارتبطت بغالب قيادات النظام البائد، وليس لدينا من المعلومات ما ننفي به ذلك القول، لكن مادام الرجل بهذه الصورة الطهورة التي حاول أحمد عبد الوهاب رسمها له، لماذا تعايش طوال 30 سنة من حكم الإنقاذ مع الفساد الممنهج، ولماذا لم يفعل وهو في قمة سلطته شيئاً لمحاربة الفساد الذي قضى على الأخضر واليابس في البلاد.
في عام 2017، عين أشجع رجل في العالم..!! رئيساً للوزراء، وهي المرة الأولى التي تؤخذ فيها كثير من صلاحيات البشير وتحول لبكري، فجاءت النتيجة مخيبة للآمال في الأداء الحكومي ومثلت بداية النهاية لحكم البشير.