دعونا ندلف للموضوع مباشرة، فمن كان ينتظر انقطاع الخراب الاقتصادي بين غمضة عين وانتباهتها .. فهذا هو الواهم بعينه!
ما يجري الآن يصب كله في مجرى المعالجة الاقتصادية، ملف السلام بمساراته في جوبا يحرز تقدماً مستمراً بإرادة مشتركة .. وهذه خطوة أساسية لا غنى عنها لإيقاف نزيف الاقتصاد.
تحركات حمدوك الخارجية وآخرها صوب ألمانيا تصب في منتهاها لدعم الاقتصاد المتعطش لأوروبا وتقنياتها وأسواقها. مجيء الآخرين لزيارة السودان ومنهم الاتحاد الأوروبي دليل على إرادة دولية يتم استدراجها بنجاح صوب المشاركة في إنعاش الاقتصاد.
الإشارات الأميركية المستمرة المطّردة حول جدية المسار تجاه رفع العقوبات لم تعد هامسة، وتطبيع العلاقات دليل دامغ على سعي حقيقي لزحزحة العقبات الإجرائية في هذا الملف.
التحركات من شركات أميركية وأوروبية صوب السودان دليل على نظرة دولية جديدة لهذا البلد المناهض وثرواته وشعبه وإرادته.
يضاف إلى كل ما سبق سعي داخلي حقيقي لفك الاختناقات الموروثة كلها ومنها أزمة السيولة لا أعادها الله .. بما قد يعيد تشكيل السلوك المالي والاقتصادي والغذائي كله ليكون آكثر واقعية وأوفر صحة وأرخص سعرا .
إنها مساع يلعب فيها عنصر الزمن دوره .. وهي تسير بهدوء ولكن بعزيمة وخطوات مدروسة.
نعم .. لن يمد أحد يده لنا بالمجان، ونحن بكبريائنا لا نقبل أصلا ًأن نكون كذلك، لكن العالم يأتينا ونسعى إليه؛ لأنه يعرف أنه سيجني ثمار ما يقدم .. بمثل ما سنجني نحن ثمار ما نتيح.
الروافد تسير كلها تجاه النهر الاقتصادي الدفاق .. فدعوا الينابيع تجري في مساربها .. وانتظروها.