حسب الأنباء الواردة من جوبا مقر مفاوضات السلام .. فإن الحكومة وصلت إلى اتفاق بشأن الخدمة المدنية مع حركات دارفور.
ورغم الكلام الإنشائي الكثير من التعايشي في شأن هذا الاتفاق، ومحاولة تسويقه بكثير من العبارات غير المفهومة وغير المنطقية.
أحمد نقد عضو التفاوض من الحركات المسلحة كان أكثر وضوحاً من التعايشي، إذ قال بالنص ما يأتي: “منح 20% من الوظائف في كافة مؤسسات الخدمة المدنية العليا والوسيطة وتشمل التعيينات وكلاء الوزارات والسفراء وأعضاء البعثات الدبلوماسية والمديرين العامين في الأقسام المختلفة في الوزارات والمفوضيات القومية والجهاز القضائي والنيابة العامة والهيئات والمؤسسات القومية والبنوك ومجالس الشركات العامة وشبه العامة لأبناء ولايات دارفور”.. انتهي كلام تقد .
وهذا اتفاق غريب وعجيب لم أنجح في فهمه واستيعابه! أنا أفهم ان يتم منح أبناء دارفور 20 او حتى 50 % كوزراء او معتمدين … الخ لأنها وظائف سياسية ولا علاقة لها بالعمل الفني أو التقني . ولكن ماذا يعني أن يتم منحهم 20 % من وظائف البنوك او القضاء أو النيابة العامة أو المحاسبين في البنوك!
ما هذا العبث الذي يتم في الخدمة المدنية باسم تحقيق السلام؟!
يتم الإعلان عن حاجة الدولة إلى تعيين 50 وكيل نيابة مثلاً .. يتقدم الذين لديهم الرغبة وتنطبق فيهم الشروط المطلوبة، وتجرى الاختبارات المطلوبة، ويتم اختيار العدد المطلوب حسب الدرجات التي أحرزها المتقدم للوظيفة.. حتى لو كان من وقع عليهم الاختيار من مدينة واحدة في شرق أو غرب أو جنوب السودان.
تم اختيارهم لأنهم نجحوا في الاختبار وليس لأنهم من دارفور أو كسلا!!
هذه الاتفاق الغريب هي مواصلة أيضاً في طريق التمكين ومحاولة لاستمرارية ذبح الخدمة المدنية مرة أخرى، وهذه المرة من الوريد الى الوريد .
قلت من قبل إن المفاوضات مع الحركات المسلحة تمشي بذات طريقة النظام البائد.. اتفاقية الدوحة أيضاً أعطت نسبة (لا أذكرها) معينة للقبول لأبناء دارفور في الجامعات السودانية، وهذه النسبة تقل كثيراً عن نسب قبول طلاب بقية الولايات..
ماذا يعني أن يحرز طالب من حلفا الجديدة مثلاً 90 % ويفشل في دخول الكلية التي يرغبها، بينما طالب من الفاشر يدخل نفس الكلية وبنسبة 80% فقط لأنه من دارفور!
أنا لست ضد دارفور حتى لا يفهم كلامي بطريقة غير صحيحة… أنا أؤيد أن تمنح المناطق المتأثرة بالحروب ميزة تفضيلية في التنمية.. أؤيد إقامة مشروعات لهم للاستقرار.. أؤيد بناء مساكن ومستشفيات جديدة لهم.
كل هذه أمور جيدة وتعمل على تثبيت قواعد السلام. أما أن يتم منحهم 20% من الخدمة المدنية لأنهم فقط من دارفور أو بتم قبولهم بنسب أقل لأنهم فقط طلاب من دارفور …
هذا لعمرى ضد شعار الثورة الخالد …. حرية سلام وعدالة
قولوا لي أيها المفاوضون في جوبا … أين العدالة في هذا الاتفاق؟