القرار الذي أصدره رئيس مجلس السيادة بتوصية من وزير الداخلية بسحب ١٣ الف جنسية منحت لاجانب ، قرار ثوري مهم يضع السودان في طريق العودة إلى ما قبل نظام البشير الفاسد ، حين كانت الجنسية السودانية محل تقدير واحترام .
القرار نص ايضا على مراجعة جوازات السفر التي منحت بموجب التجنيس لاجانب من أصول غير سودانية بين ١٩٨٩ – ٢٠١٩ . هذا سيكشف كما هائلا من التلاعب والفساد . فضيحة بيع الجوازات السودانية لكل من هب ودب في عهد النظام البائد ، كانت من أكبر الفضائح التي لحقت بالجواز السوداني ، الذي كان حتى نهاية الثمانينات من أقوى الجوازات على مستوى القارة الأفريقية.
الشعب السوداني دفع ثمنا باهظا لتصرفات نظام البشير الفاسدة تجاه الجنسية والجواز السودانيين . إذ يصنف الجواز السوداني ضمن أسوأ الجوازات عالميا حسب مؤشر باسبورت اندكس محتلا المرتبة السابعة من الاخيرة من بين ١٩٠ دولة ، وما استبعاد السودانيين من فرص اللوتري الامريكي في هذا العام الا واحدا من هذه الأثمان .
لم يكن خفيا ارتباط إسم عبدالله البشير شقيق المخلوع بالفساد في مجال بيع الجواز السوداني للأجانب ، وعرف في السوق وقتها بلقب ( القرش ) ، تقارير متعددة أشارت إلى ذلك ، ختمها تأكيد من شيخ الأمين الذي كان قريبا من هذه الأسرة في وقت ما ، وأكدتها أكثر دعوة المخلوع لرؤساء الصحف في فبراير ٢٠١٧ ، بعد ان ارجعت البحرين سوريين يحملون جوازات سودانية ، وأصبح الهمس جهرا بأن شقيقه يتاجر في بيع الجوازات للأجانب، وكل ما استطاع المخلوع قوله يومها انه لا مانع من إعطاء السوريين جنسية وجواز سفر سودانيين !!! ثم أعلن عن لجنة لمراجعة الامر ، وهي لجنة تم إيقافها لاحقا قبل أن تتكشف الحقائق .
الجواز السوداني وصل مرحلة من المهانة والوضاعة في ظل نظام المخلوع انه كان يباع بعشرة آلاف دولار للأجانب !! كان يباع لاجانب موجودين في السودان ولاجانب لم تطأ أقدامهم أرض السودان حتى . ولا يستطيع أحد أن يفتح فمه والا ابتلعه ( القرش ) .
تقديرات لتقارير متعددة تشير إلى أن الاجانب الذين حصلوا على الجواز السوداني بطريقة غير شرعية في عهد البشير قد يبلغ عددهم ٥٠ ألف شخص من عرب وافارقة واسيويين !! وهو رقم ضخم يوضح قمة الفساد واللعب بالهوية الوطنية في عهد المخلوع، والخطورة ان بعض هذه الجوازات قد يكون بحوزة المتطرفين والارهابين الذين دخلوا الى السودان عبر علاقات النظام السابق بالتنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين .
الخطوة التي أقدمت عليها وزارة الداخلية ستعيد بعض الهيبة الضائعة للجواز السوداني ، ويجب أن تستهدف ليس فقط تجريد من يحملون الجنسية والجواز السوداني بطرق غير قانونية ، بل ايضا الوصول إلى الشبكات الفاسدة التي كانت تتاجر في الجواز والجنسية ، وتقديم عناصرها لمحاكمات عادلة تجردهم من الشرف والأمانة ، فليس بعد إهانة الهوية السودانية شرف ولا وطنية ولا رجولة .
sondy25@gmail.com