آن الأوان لقوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين السودانين أن يُجيبا على الكثير من الأسئلة المُلِّحة ، خروجاً (طوعياً) من دائرة (القداسة الثورية) التي وهبتها الثورة لهما ولبعض قياداتهما تقديراً لما بذلوه من جهود وتضحيات ، فالكثير من (المُشفقين) على حال المسار الديموقراطي وقُدرته على التعبيرعن آمال وطموحات الذين قدموا التضحيات الجِسام (يخافون) أن تكون ثورتهم قد (سُرقت) بالفعل أو (كادت) ، فليس من دليلٍ أكثر صدقاً من شعور عامة الناس بوجودهم خارج دائرة (الفهم والإستيعاب) لما يحدث وما يدور خلف الكواليس في مُعالجة الكثير من الأمور التي لا إختلاف في كونها تُمثِّلُ (روح) الثورة و(مبادئها) وبعضُ (أسباب) إندلاعها.
ولأنني من أكثر الناس إصراراً على التشبُث بفضيلة (التفاؤل) ، الذي على ما يبدو لا خيار أفضل منه الآن لمواجهة الواقع (المُزري) الذي يُحيط بكل المناحي الضرورية لحياة البُسطاء ، لن أنساق وراء ترديد عبارة أن الثورة قد (سُرقت) ، وإستبدلها (تفاؤلاً) بعبارة أن الثورة قد (حُجبت) وفي هذه العبارة أضعف الإيمان فيما يمكن التعبيرُ عنه بخصوص إنعدام الشفافية وإحساس عامة الناس بسيادة روح المؤامرة و(المراوغة والتخَّفي) في أصعدة عديدة ، أهمها ما يُشاع حول تمرير أجندات لا علاقة لها بالمصلحة العامة ولا تخدم شعارات ومباديء الثورة ، هذا (التوجُّس) هو حقيقة ما يدور في أذهان الكثير من الثوريين الذين ما فتئت الأبواق المُطبِّلة بلا مُبرِّرات مُقنعة ، تتهِمهُم في ولائهم للثورة وتُصنِّفهم على أنهم (فلول) للنظام البائد.
وجب على مؤسسات ولجان قوى الحرية والتغيير ومنابرها الدائمة والمؤقتة ومعها تجمع المهنيين السودانيين وبإسم العدالة والمساوة والديموقراطية أن تترجَّل من ُبرج القداسة الثورية وتُجيبُ على الكثيرِ من الأسئلة المُتعلِّقة بإتساع رقعة تمثيل اليسار وأحزاب وطوائف بعينها في تولي المناصب الحكومية ، وأن توضِّح للرأي العام ماهية المعايير وآلية الإجراءات لتي تعتمدها لإختيار البدائل المهنية التي تحل محل الذين يتم إبعادهم بواسطة لجنة إزالة التمكين ، كما يجب عليها عدم الإكتفاء بالدفاعات الشخصية التي ينشرها بعض منسوبيها ، في شكل توضيحات وإفادات عبر وسائط النشر الإلكتروني ، لتتولى مؤسساتها ومنابرها الرسمية مهمة هذه الدفوعات والتبريرات والإجابة على الإستفسارات.
لسنا ضد حدوث الأخطاء الإجرائية العادية والتي هي من صفات محدودية قُدرات البشر ، ولكنا ضد تكرار تجربة الإنقاذ المُضنية في مجال رفع الشعارات المهرجانية والهتافات الإنصرافية التي لا تُعبِّر عن واقع الحال الذي يعيشهُ الناس مما يفتح أبواباً للشك والتخوين ، إفتحوا باب المعلومات والمُخطَّطات والإجراءت المُتبَّعة في كل الأمور الحيوية الخاصة ببرامج الحكم الإنتقالي على مصراعيه ، لكل الذين يودون دعمكم أو (نقدكم) أو حتى (معارضتكم وإتهامكم) بغير ذلك لن يكون هذا المسار ديموقراطيا ولا عادلاً ولا مُناديا بالسلام ودولة المؤسسات.