وانت بمدخل جاليري لاجيت مول السلام الدوحة ستتجاذبك اللوحات التي علقت بعناية علي جانبي القاعة والتي تشبه سوق الكتاب القديم بضفتي نهر السين فتقع في حيرة الي أيهما تدقق النظر الي هذه التي أدفقت فيها الفنانة التشكيلية وفيقة سلطان اللون الذهبي الملوكي الوهاج وشاطرته بالأحمر الفاقع أم ستنجذب أنظاركم وتتمعنوا بعمق وروحانية الي الآيات القرأنية التي رسمت بخطوط ابداعية هي أقرب للخط الكوفي وجمالياته وستكتشفوا لا محالة أنه تزاوج أنيق بينه وبين استلهام الحروفية ودفئها وربما تجدوا أنفسكم كدراويش يعزفون بأطراف أقدمهم الحافيتين علي اوتار آلة موسيقية عتيقة فاللوحة المخضبة بالالوان الزيتية ستسلبكم لتلامس منطقة الآلفة والجمال بدواخلكم وهي تزين المعرض وتتزين بأحرف لغتنا العربية فتزداد جمالا وألق.
وفيقة سلطان تعتبر رائدة للفن التشكيلي من جنس النساء القطريات حيث نالت بكالريوس الفنون التطبيقية من جامعة القاهرة العام ١٩٧٥ واستطاعت الاستمرارية بثبات متيم بجماليات تلاعبها الباكر بالريشة والالوان وبذائقتها واهتمامها بالتراث القطري واعادة معالجتة وبفن العمارة بالصحراء وترابيتها المريحة للبصر وبالبحر وعمقه العميق والصيد حرفة الاوائل حيث تجد الاصداف وحجارة البحر و الأسماك بكل ألوانها واحجامها وتموجات حراكها في البحار نصيب الأسد بين لوحاتها المعطرة برائحة أنفاسها وهي كما ذكرت ” أرسم واصنع لوحاتي لنفسي ” هذا في البدء لذلك فأنني مقلة لحد ما في اقامة المعارض فالفن أمارسة كجزء من تفاصيل الحياة
“ عندي سوالف ” أمسية ٢ مارس الجاري تحولت لمثاقفة وحلقة نقاشية في الفنون التشكيلية ما لها وما عليها ولسرد ثقافي تراثي وسط حضور مميز جاء الرواد الاوائل التشكيلي علي حسن ويوسف أحمد وهنادي درويش وحسن الملا وجمع من عشاق الفن من الاجانب والمقيمين وامتدت سوالف المبدعة ورائدة الفنانات التشكيليين القطريين التي اقتحمت المجال بثقة رغم عقبات الدروب والخطوات الاولى وسورته بالدراسة الاكاديمية عن كيفية صناعة اللوحة خاماتها والوانها رمزيتها وأهدافها ولرائدة الفن التشكيلي المهندسة وفقية تجربتها النضرة ما بين دراستها بقاهرة المعز واحتكاكها برموز المجتمع ومثقفيه وصولا لتأسيس جمعية التشكيليين القطريين العام ١٩٨٠ والتي استطاعت ان تستقطب القبول باريحية ودون مشاكسة مع المجتمع رغم مناهضة البعض ورويدا رويدا اوجد المبدعون الدعم والتشجيع من الدولة وهي اليوم تضم بين جنباتها أسماء متمرسة طافت بالفن التشكيلي القطري خليجيا وعربيا وعالميا لمزيد من اكتساب الخبرات والاحتكاك والتنافس
وسلطان أختارت وزارة الاعلام القطرية منذ سنوات لوحاتها وصممتها في ” رزنامة ” وتم فرز الالوان بالمانيا في وقت لم تكن معامل فرز الالوان وتكنولوجيا التعامل معها متوافرة بالدوحة ولضرورات الانجاز تم ترجمة الآيات القرانية المجسمة في قلب بعض لوحاتها للغة الالمانية و فتح ذلك الباب لطلب مصاحف مترجمة للغة الالمانية لوجود جاليات تركية وعربية مسلمة
ولوحات وفيقة سلطان زينت اروقة كثير من سفارات قطر بالخارج وبمتاحفها وطافت بتجربتها وتدرجها حضورا لمعارض اقليمية وعالمية وهي شديدة الاعتزاز بالموروث والتراث الشعبي والاغاني والزخارف وصورت مجموعة من النساء واياديهن مخضبة بالحناء وبالزي التراثي الملون والمزركش وكثير من مشاهد الحياة اليومية وتفاصيلها الدقيقة من منظور ابداعي ولم تبعدها مهامها كسيدة أعمال وصاحبة مكتب هندسي للديكور والتصميم المعماري عن محبوبتها اللوحة وتقول أنها لم تسعى لأمتهان الفن بل تركت العنان لموهبتها لحبها وعشقها للون والريشة والقلم والمحافظة علي التراث المجتمعي لذلك هي شغوفة بزيارة المعارض خلال زياراتها الخارجية وتعتز بان الساحة القطرية اليوم تزخر بعدد من الموهوبين المتميزين ويبقى للحديث بقية في حضرة اللوحة والالق وسوالف وحكايات التي ادارتها باقتدار الاعلامية بتلفزيون قطر حنان العمادي والجدير بالذكر ان المشهد التشكيلي يشهد تمدد واضح في ظل وجود امكنة للعرض حازت علي القبول وتسابق المبدعين من دول العالم للمشاركة بانتاجهم كمطار الدوحة الدولي والحي الثقافي كتارا والمطافيء مقر الفنانين والحوش وقاعات سوق واقف وقد فرد معرض الدوحة للكتاب في نسخته الاخيرة فضاءات واركان للتشكيليبن لعرض انتاجهم ولعقد ورش تعليمية للنشء والشباب ويلاحظ تزايد اعداد الفتيات اللاتي امتهن مهنة الفن التشكيلي ويحققن نجاحات حيث تجد لوحاتهن تزين مؤسسات وبنوك واروقة المولات والمشافي وهكذا هو الفن الرفيع و ليس بالخبز وحده يحي الانسان .
اعلامية وناشطة اجتماعية مقيمة بقطر
Awatifderar1@gmail.com