لا يُساورني شكٌ على المستوى الشخصي ورغماً عن (المنغصات) المُتواتِرة في ما يُشيرُ إلى أن المسار الديموقراطي لم يكن (مُطابقاً) للتمنيَّات والآمال في شكلهِ ومضمونهِ ، أن السيد / إبراهيم البدوي وزير المالية ليس سوى (وطني غيور) ورجلٌ صادق (النوايا) تجاه إيجاد الحلول (المُناسبة) لإنتشال هذه البلاد من مستنفع الفقر والإنهيار الإقتصادي ، دليلي في ذلك أنه ليس لرجلٍ من أولوياته الإنحياز إلى مصالحهِ الشخصية من (منطقِ) يدفعهُ (للتورُّط) في مغبة أن يحمل على عاتقة (مسئولية) إقتصاد السودان في هذه المرحلة ولو لمدة 48 ساعة ، فقد كان الرجل يعلم كما نعلم جميعاً أنهُ مُقدمٌ على معركةٍ أقل خسائرها الموتُ بعد الموتُ ، ولن نتحدَّث ونجتر ما قيل وما يُقال يومياً عن ما أوقعته ثلاثين عاماً من الفساد الإنقاذي في بِنية الإقتصاد السوداني ، والتي أفصحت عن أن الدولة السودانية بمفهومها القومي والوطني لم تكن ضمن أهداف الإقتصاد الكُلي ومُقدَّراتهُ وإمكانياتهُ ، بقدر ما إستهدفت تنمية ودعم وتثبيت أقدام النظام السياسي والحزبي والشخصي لأصحاب النفوذ وذيولهم النفعية المُتطفِّلة آنذاك.
فمثل إبراهيم البدوي بإحترافيته المهنية وعلمه وخبرته وعلاقاته الدولية ، لمن يتحدثون عن شُبهات إنكبابه على مصالحه الشخصية ، لا يمكن أن يبحث عن مبتغاهُ وآمالهُ التي يتوهَّمها البعض في مثل هذا البُنيان المهدوم عمداً بالفساد والإهمال والتغوُّلات والحواجز الإجرائية المُقنَّنة بمبدأ التمكين للأشخاص حينما كانوا (بُدلاء) لمؤسسات الدولة ، هو إن كان كذلك سوف لن يجد ضالتهُ في هذا الخواء المادي والمعنوي الذي يعانيه معظم وزراء الحكم الإنتقالي ، ومثلهُ بالتأكيد لن يخونهُ ذكاءهُ في إكتشاف ذلك ، لكل ذلك لا أرى في تواجدهُ بهذا المنصب في وقتنا الحالي سوى (تضحية) و(بسالة) و(تصدي) لكرةٍ من الثلج تتدحرَّج وتتضخم يوماً بعد يوم.
أما شركة الفاخر وبعد كل تلك الشائعات والإتهامات وتلك الحملة الإعلامية المُستعرة ، فقد إتضح أخيراً أنها أيضاً أسهمت بقدرٍ لا يقبل المغالطة في (إنقاذ) الموقف المُتردي لمخزوني الوقود والقمح في ذلك التوقيت وبشروط وضمانات لا أعتقد أن أيي شركة أو جهة أخرى كانت ستقبل بها إن لم تستصحب في حيثيات دراستها (بعضاً) من الوطنية والتجَّرُد المُتعلِّق بإنكار الذات ، ففي (روح) الصفقة التي تمت بينها وبين وزارة المالية معالم واضحة (للتضحية) والمُجازفة إستهدافاً للمصلحة العامة والمسئولية المجتمعية والوطنية لا يتعامى عن رؤيتها إلا من كان مشغولاً بشيِءٍ في نفس يعقوب.
دعونا نترك دائرة (التخوين) والإتهامات الجُزافية للذين إختاروا الوقوف في الضفةِ الأخرى من خيارات الشعب وآماله وتطلَّعاته نحو سودانٍ أفضل ، فالمستفيدون من إثبات فشل الحكومة الإنتقالية (يتوقون) للحديث عن (بدائل) لا مآل لها سوى المزيد من الخراب واليباب والندم.