لابد من استنكار العمل الإرعابي القبيح الذي جرى في بلادنا يوم 9-3-2020 الماضي واستهدف فيما استهدف استفزاز سلميه ثورة ديسمبر وإن أمكن تلطيخها بدماء رئيسها السيد عبد الله حمدوك. ولكن الله حافظ فوق كل الحراس. فحمدا لله على سلامة حبيبنا حمدوك. إن استنكارنا لهذا (الإرعاب) مستحق وجوبًا وهو الدخيل على بلادنا. مما ينبغي معه تجاوز بيانات الشجب العاطفي إلى إطلاق موجه جديده من العمل الثوري النافع الذي بقدرما يغيظ الإرهاب يضخ أكسجينًا في شرايين الثورة وفي رفع الإنتاج والإنتاجه. موجه تنتظم كل المنابر وجميع الساحات، وكل المهن وتؤكد على التصويب الدائم لمسار الثوره وحمايته. والأهم أن يتم التأكيد بأن الثورة لكل أبنائها.
الحكم الانتقالي منذ تفويضه في أغسطس2019 كان مدركًا لأولوياته. وقد أصاب نجاحًا في حل بعض المشكلات الماثلة كالسيوله، وتصويب مسار التعليم العالي ودعم الزراعه بمخصبات انعكست على الإنتاجية العاليه لقمح هذا الموسم. كما حركت الأجهزة العدليه بلاغات ضد قادة إنقلاب 1989م ، وشكلت لجان تحقيق مع القطط السمان وسعت مع لجان المقاومة بدأب للوصول للحقيقه ولاستئصال ثقافة الظلم والفساد. كما حاولت الحكومة الانتقاليه حل المليشيات الحزبيه المسلحه واسترداد الأموال المنهوبه وإعلاء مصالح المواطن ووضع سياسات إسعافيه نقديه وماليه كانت ستنعكس إيجابًا لو سمح لها الحزب الشيوعي بالعمل.
وتحريًا للدقة برزت تحديات أمام قادة ثورة ديسمبر وأمام الحكم الانتقالي وكان يجب توقع تلك التحديات قبل بروزها لمواجهتها بما تستحق من الخطط أو حلها بروح العمل الجماعي. ولكن فضلا عن ذلك خاض الحزب الشيوعي بالذات حربًا دنكوشيوتيه لم تراعي هامش السودان مما قلب الأولويات وهو ما سمح لقوى الردة (بمد أرجلها) لخلق المزيد من التعقيدات.
ومع أن النجاح أمر نسبي والإخفاق سمة أي عمل بشري، إلا أنه لا يعقل أن يتجاهل الحكمالانتقالي، مخاطر الإرهاب بتوهم أنه غير موجود. فالإرهاب كما يعلم المكون العسكري ، يمشي على قدمين على طول عهد الإنقاذ ومُكن وسخرت له الامكانات ولهذا سيتم تحريكه في لحظة أداء حكومة حمدوك اليمين الدستوريه. ولن أجازف إن أشرت إلى جماعه تسمي نفسها (بدولة القانون)، هذه الجماعه لم يعد خافيًا أعلان بعض قادتها مبايعة المرحوم البغدادي. وظلت منذ سقوط الإنقاذ تلوح بالتحدي لتعيد دولة (السراقين من جديد) وتهدد بالمبارزة وتشارك بفاعليه في (الزحف) بل نقرأ لأحد قادتها كلامًا يدعو لتجاوز السلمي إلى الهجوم الضاري. والأهم أن تراخي المكون المدني والأمن الداخلي بالذات، شجع فئة إرهابيه معلومه على بث الفتن من منابرها فضلا عن انخراطها عمليًا في حملات نخر أوتاد الاقتصاد الوطني وكل ما من شأنه فت عضد الحكومه الانتقاليه وبأي وسيله. على ان مخاطر الإرهاب ستتسع إذا لم نتابع خزائن الممولين التي لا تنضب فضلا عن موارد محليه لم تتأثر حتى الآن بأي سياسات اقتصاديه أو ماليه.
ولهذا ولغيره لابد من إطلاق موجه جديده من الثورة للحد من تغافل قوى الحرية والتغير للمخاطر والكف من محاولات اختطاف الثورة أو وضع مجموعات وطنيه مدنيه ومسلحه خارج معادله السياسيه. إن وجود هذه الجوانب هي التي أضعف خطط الحكومة الانتقاليه وجعلتها أكثر تردداً وأقل انشغالا بأولويات المرحله. كما أن مشاكسات صبيانيه رتبت وسترتب لهرجله شعبيه، أغرت وستغري قوى الرده بارتكاب مثل هذا الجُرم. ولابد لقوى الثورة أن تحد من تهافت بعض أطراف الحريه والتغير وانتهازيتها. لأن تلك المشاكسات بقدرما بينت النقص الحاد في الخيال السياسي للبعض كشفت عجزهم عن إدراك أولويات المرحلة. ولاشك أن أولئك أقل من أن يملتكوا القدرة على قيادة البلاد دون مشاركة أهلها. مثلما يفوت على تلك الأطراف، أن ليس من شعارات ثورة ديسمبر إلغاء قوى سياسية بعينها أو استبدال أدوارها بالذي هو (أدنى وأضل) ، أولئك الذين يبشرون بتفكيك أوطانهم (حته حته وطوبة طوبه). إن شعارات ثورة ديسمبر- للتذكير- حريه سلام وعدالة(وياغبي مغرور كل البلد دارفور.) وهو ما يجعل الثورة أقل تعصبًا وأقرب للتسامح وللرشد السياسي والتواضع والمعقوليه من أدعيائها.
وإن كان لذلك نصيب من صحه فإن على الجميع المسارعه بتجديد شعارات الثورة وإدراك حجم المأساة الوطنيه وحجم التحدي الوجودي والتركة المثقله التي خلفتها الانقاذ من حيث الحصار الدولي وحجم الإنهيار الاقتصادي والديون الخارجيه التي تنوء بحملها الجبال وأولو العزم من الرجال. ولابد والحال كذلك من رؤية الصورة الكليه بعين البصيرة وليس بالبصر. فإن تم ذلك ستحمي ثورة ديمسمبر نفسها وقادتها وترتب أولويات المرحله الانتقاليه وسيكف البعض عن حملات إعلاميه رخيصه وعبثيه، فالثورة تسع الجميع وعلى الكل تأكيد ذلك. فلا يصح معارضة وثيقة الإعلان الدستوري وفي آن إدعاء الحرص على نجاح الثورة ورئيس وزرائها.