نصف فساد جماعة الإنقاذ في العاصمة والاقاليم كان يمكن الكشف عنه في بحر إسبوع من قيام الثورة، ودون الحاجة للجان تحقيق أو تحريات، ومن ثم تقديم الفاسدين منهم للمحاكمة.
الوسيلة لتحقيق ذلك كانت ولا تزال متوفرة في نصوص قانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه، الذي جعل لزاما على كل من كان يطلق عليهم (الدستوريين) وفئات أخرى تقديم إقرارات ذمة توضح ما في ذمتهم من أموال عقارية ومنقولة، ويشمل ذلك الزوجة والأبناء، ويكون تقديم الإقرار بشكل دوري (سنوياً) منذ تاريخ صدور القانون في يوليو 1989 أو من تاريخ إلتحاق المسؤول بالخدمة، ويظل تقديم الإقرار واجبا سنوياً حتى لو لم يطرأ تغيير على الذمة المالية.
ويعتبر مجرد التقاعس عن تقديم الإقرار في أي سنة من السنوات جريمة وعقوبتها السجن مدة ستة أشهر مع الغرامة او بدونها.
والثابت أن معظم المقصودين بالقانون أغفلوا تقديم هذه الإقرارات طوال سنوات حكم الإنقاذ، والدليل على ذلك أنه وفي الثالث من يوليو 2012، خرج وزير العدل “دوسة” ليعلن أمام البرلمان أنه بصدد “تفعيل” هذا القانون، وأعطى – من نفسه لنفسه – مهلة شهر لتقديم الإقرارات المتأخرة، ولم تعلن نتيجة ذلك مع ما هو معلوم من حدوث غييرات كبيرة على ذمة الكثيرين منهم بعد الوصول للحكم.
سهولة تطبيق هذا القانون، أنه جعل عبء إثبات مشروعية الحصول على الأموال التي تطرأ على الذمة بعد تقديم الإقرار تقع على عاتق الشخص الذي يخضع للقانون، وليس على سلطة الاتهام، وبالتالي تنعقد أركان الجريمة بمجرد تبين وجود فرق بين ما كان موجودا في ذمة المسؤول عند توليه المنصب أول مرة وما أصبحت عليه ذمته المالية يوم فحصها، وبالتالي تكون كل الأموال الناتجة عن الفرق بينهما من أموال تقع تحت طائلة القانون، بما يتيح إستردادها للشعب بكل سهولة فضلاً عن توقيع العقوبات الأخرى المنصوص عليها في القانون.
قمنا بطرح هذا الموضوع من قبل، ولما تأخر النظر فيه، ها نحن نعيد وضعه من جديد على طاولة النائب العام.