نعم هناك ضائقة معيشية وشح في السلع الضرورية، والعملة الوطنية في تدهور عمودي، ولكن هذه تركة النظام الفاسد الهالك الذي دمر كل شيء في بلد وعمّر جيوب منسوبيه، فقد ورثت الحكومة الانتقالية خزائن خاوية وجهاز دولة متهالك وجميع موارد ومنافذ وروافد الاقتصاد كانت وما زالت في قبضة انتهازيين وطفيليين يتآمرون على الوطن والمواطن، واليوم 9 مارس هناك بواخر محملة بالبنزين تقف في الميناء وترفض التفريغ إلا بعد استلام الثمن مقدما
حتى خمس سنوات – دعك من خمسة أشهر- لا تكفي لكنس الدنس والوسخ الموروث عن النظام الموءود، ولكننا على الأقل نعيش الآن في ظل نظام حكم ليس فيه لصوص كبار، وقد حاول البعض الطعن في ذمة وزير المالية لأنه ابرم اتفاقا مع شركة الفاخر يخولها تصدير الذهب، وقالوا إنه خالف القوانين ومارس المحسوبية وحقيقة الأمر انه اتخذ القرار بمشاركة رئيس الوزراء ومشاورة مجلس الوزراء لفك ضائقة مالية تتعلق بتوفير الدقيق، ولو كانت هناك شبهات جنائية حول مالكي الفاخر فهذه ليست مسؤولية وزير المالية بل الجهات العدلية، وصحيح ان بعض السياسيات المعلنة لوزير المالية (مثل رفع الدعم عن الوقود) لا تجد القبول العام، ولكن للرجل حجته ومن الظلم اتهامه بالجهل او اللصوصية او العمالة للبنك الدولي
المهم في تقديري هو ان عهد اللصوصية الرسمية (كليبتوكراسي) انتهى، وجهود استرداد الأموال المسروقة قطعت أشواطا طيبة ولكن وصولها الى الخزائن العامة سيستغرق بعض الوقت، ومن المؤكد ان هناك مائة مليار دولار مسروقة من المال العام موجودة في بنوك أجنبية واستردادها حتمي وإن استغرق سنوات من الأخذ والرد مع المحاكم الأجنبية
علينا ان ننظر الى الصورة الكبيرة ونكف عن البكاء على أطلال المخابز ومحطات الوقود: وزيرة الشباب والرياضة وضعت يدها على عشرات المباني الفخمة التي شيدها اللصوص بغير وجه حق في أرض المدينة الرياضية والتي تناهز قيمتها تريليون جنيه وفي كافوري وحدها تم وضع اليد على عقارات وأراض تخص آل البشير تفوق قيمتها تريليونين- وزير التربية والتعليم سيوفر كتابا لكل طالب لأول مرة منذ ثلاثين سنة، وزير الصحة سيطر على الكوليرا بالجهد الميداني الشخصي وقضى على أوكار سرقة الدواء من المخازن الحكومية، وزير الطاقة والتعدين يعمل يوميا لبضع ساعات في الميدان لضمان انسياب الوقود والكهرباء وهما مجالان ما زالت شركات الكيزان تتحكم فيهما و…. قس على ذلك، وستكون هناك زيادات مهولة في الرواتب بحد أدنى 3000 جنيه شهريا اعتبارا من الشهر المقبل
تفاءلوا خيرا: الحكومة الحالية عليها تحقيق السلام والحركات المسلحة تفاوض بنظام “تمشي خطوة اتنين مستحيل” ولا تنمية بدون سلام، ولكن الخير باسط في بلادنا ولدينا أهم ثروة في العالم المعاصر: الماء وبلايين الأمتار المربعة من الأراضي الخصبة، وكانت تنقصنا على الدوام حسن إدارة مواردنا، ولو وضعت الحكومة الحالية حجر الأساس لسودان الغد المتنعم بالحرية والمساواة فإن بلادنا موعودة بمستقبل باهر وزاهر
وعصابة البشير لم تترك لنا فقط ديونا بأكثر من 60 مليار دولار بل أورثت بلادنا سمعة سيئة ووزعت جوازات سفرنا لعصابات إجرامية أجنبية قامت بتفجير المدمرة الامريكية كول وسفارتي أمريكا في تنزانيا وكينيا وهو نحن الآن مورطون في سداد ثم جرائمهم، ولكن ومن جهة أخرى ها هي دول أوربا الكبرى تقف معنا وتسندنا معنويا وماديا، وسنجني بعض ثمار ذلك قريبا
يا جنود الثورة لا تنساقوا وراء الذباب الالكتروني الذي يعمل على زعزعة الثقة بالحكومة واستهدف وزراء الخارجية والتجارة والمالية وأطلق الإشاعات بان وزير الري تنازل عن حصة السودان من المياه لمصر، فتلك حملة منظمة لشق الصف الثوري، وتأكدوا أن باكر أحلى ان شاء الله، لأن كل مستلزمات الطبخة الجيدة متوفرة وبقي ان يتفرغ الطباخ للمهمة بعد تنظيف المطبخ من الجراثيم والزواحف، ولا يعني هذا التوقف عن نقد الحكومة ولكن دون تكسير مجاديفها ونشر الإحباط بين الثوار